الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص334
الأولى لكن لا يجوز أن يعتزل إلا بعد إعلام الإمام واستعفائه لأنه موكول لعمل يحرم عليه إضاعته .
وعلى الإمام أن يعفيه من النظر إذا وجد غيره حتى لا يخلو العمل من ناظر .
فإن أعفاه قبل ارتياد غيره جاز إن كان لا يتعذر ولم يجز أن تعذر .
ويتم عزله باستعفائه وإعفائه ولا يتم بأحدهما .
فإن نظر بين استعفائه وإعفائه صح نظره .
ولا يكون قوله قد عزلت نفسي عزلا ؛ لأن العزل يكون من المولى وهو لا يجوز أن يولي نفسه فلم يجز أن يعزلها وإنما هو أن يستعفي فيعفى .
والضرب الثالث : أن تحدث أسباب العزل وهي على ثلاثة أضرب : موت وعجز وجرح .
فأما الموت : فهو موت المولي فلا يخلو المولى من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون إماما عام الولاية على القضاء وغيره فلا تبطل بموته ولايات القضاة وإن بطل بموت الموكل وكالة الوكيل لأن تولية الإمام للقاضي استنابة في حقوق المسلمين لا في حق نفسه بخلاف الوكيل المستناب في حق موكله .
قد قلد رسول الله ( ص ) عتاب بن أسيد قضاء مكة وصدقات أهلها فلما مات اختبأ عتاب وامتنع من القضاء فأظهره سهيل بن عمرو وقال : إن يكن رسول الله ( ص ) قد مات فإن المسلمين باقون ، فعاد عتاب إلى نظره ، ولم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة فصار إجماعا .
والحال الثانية : أن يكون المولى قاضي ناحية أو صقع قد استخلف فيه من ينوب عنه في القضاء ، فيكون موته مبطلا لولايات خلفائه لمعنيين :
أحدهما : أنه خاص النظر خاص العمل فخالف موت الإمام في عموم نظره وعموم عمله .
والثاني : أن الإمام يقدر على استدراك الأمر في موته بتقليد غيره .
والحال الثالثة : أن يكون المولي هو قاضي القضاة العام الولاية في جميع الأمصار فهو عام العمل خاص النظر .
فعموم عمله : أنه وال على البلاد كلها .
وخصوص نظره : أنه مقصور على القضاء دون غيره .
فشابه الإمام في عموم عمله ، وخالفه في خصوص نظره .
ففي انعزال القضاة بموته وجهان :
