پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص320

ولا يبلغ بتعزيره أربعين وغايته تسعة وثلاثون سوطا لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال ( ص ) : ‘ لا يبلغ بالحد في غير حد ‘ ، وروي عنه ( ص ) أنه قال : ‘ من بلغ ما ليس بحد حدا فهو من المعتدين ‘ .

ولا وجه لما قال مالك ، من أنه يجوز أن يزيد في التعزير على أكثر الحدود .

ولا وجه لما قاله ابن أبي ليلى أنه لا يبلغ به المائة ، ويجوز بما دونها .

وقال أبو يوسف : لا يبلغ به ثمانين ، ويجوز فيما دونها .

والصحيح ما ذكرناه من أنه لا يبلغ به الأربعين ويجوز بما دونها . لأن الأربعين حد الخمر في الحر فكان غاية تعزير الحر تسعة وثلاثين .

ثم هذه الغاية لا يجب استعمالها في كل معزر ، لأن التعزير يختلف باختلاف حال المعزر ويكون موقوفا على الاجتهاد فمن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالضرب اجتهد في عدده ، فإن أدى الاجتهاد إلى تعزيرها بعشرة أسواط لم يزده عليها ، وإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالحبس لم يعدل به إلى الضرب ، وإن أدى الاجتهاد إلى تعزيره بالقول والزجر ، لم يعدل به إلى ضرب ولا حبس وقد استوفينا حكم التعزير في بابه .

( فصل : في التشهير بشاهد الزور )

والحكم الثالث : إشهار أمره .

لرواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده : أن النبي ( ص ) قال : ‘ اذكروا الفاسق بما فيه يحذره الناس ‘ .

ولأن في الشهرة زجرا له ولغيره عن مثله .

وإشهار أمره ، أن ينادى عليه ، إن كان من أهل مسجد على باب مسجده ، وإن كان من سوق في سوقه وإن كان من قبيلة في قبيلته وإن كان من قبيل في قبيله .

والفرق بين القبيلة والقبيل : أن القبيلة بنو الأب الواحد والقبيل : الأخلاط المجتمعون من آباء شتى .

فيقول في النداء عليه في هذه المواضع : إنا وجدنا هذا شاهد زور فاعرفوه .

ولا يزاد في هذه الشهرة تسويد وجهه ولا حلق شعره ولا ندائه بذلك على نفسه .

وقال شريح : يجوز أن يفعل ذلك في شهرته وهذه مثلة نكرهها لنهي النبي ( ص ) عنها .

فإن كان هذا الشاهد بالزور من ذوي الصيانة فقد حكي عن ابن أبي هريرة أنه يصان عن هذا النداء ويقتصر منه على إشاعة أمره ليقول النبي ( ص ) : ‘ أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم ‘ .