الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص319
قال الماوردي : أما شهادة الزور فمن الكبائر .
روى خريم بن فاتك قال : صلى رسول الله ( ص ) صلاة الصبح فلما انصرف قام قائما وقال ‘ عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثلاث مرات ‘ ثم تلا قول الله تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) [ الحج : 30 ] .
وروى محارب بن دثار عن ابن عمر عن النبي ( ص ) إنه قال : ‘ إن شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار ‘ .
والذي يتعلق بشهادة الزور أربعة أحكام :
أحدها : ما يعلم به أنه شهد بزور .
وهذا يعلم من ثلاثة أوجه :
أحدها : من إقراره إنه شهد بزور .
والثاني : من استحالته أن يشهد على رجل بقتل ، أو زنا ، في زمان معين ، في بلد بعينه ، وقد علم يقينا أن المشهود عليه كان في ذلك الزمان في غير ذلك البلد .
والثالث : بأن تقوم عليه البينة أنه شهد بزور .
فأما إن شهد بما أخطأ فيه أو اشتبه عليه لم تكن شهادة زور ولكن يوبخ عليها ، لتسرعه إلى الشهادة قبل تحققها .
فإن كثر ذلك منه ردت شهادته ، وإن كان على عدالته لعدم الثقة بها .
فأما تعارض البينتين فلا يقضي فيه بالتكذيب والرد ، لأنه ليس تكذيب إحداهما بأولى من تكذيب الأخرى ، فلم يقدح ذلك في عدالة إحداهما .
وتأديبه التعزير ، لأنه مما لم يرد فيه حد .