الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص317
والوجه الثاني : وهو قول أهل العراق : لا يستقر النكول إلا بأن يعرضه عليه ثلاثا هي حد الاستظهار .
واختلف أصحابنا بعد استقرار النكول هل يفتقر إلى حكم القاضي به قبل رد اليمين أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه لا يرد اليمين على المدعي إلا بعد أن يقول للمنكر قد حكمت عليك بالنكول لما فيه من الاجتهاد فإن ردها عليه قبل حكمه به لم يصح .
والوجه الثاني : يجوز أن يردها على المدعي وإن لم يقل قد حكمت عليك بالنكول ، لأن ردها عليه حكم بالنكول .
فلو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بنكوله لم يجز إحلافه لانتقال اليمين إلى المدعي .
فإن حلف المدعي حكم له ، وإن استمهل للنظر في حسابه أمهل .
وإن توقف عن اليمين لغير استمهال فقد اختلف أصحابنا في الحكم عليه بالنكول في يمين النكول على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : يحكم عليه بالنكول كما حكم على المنكر بالنكول ، فإن رام أن يحلف بعد الحكم بنكوله لم يجز ، كما لو رامه المنكر .
والوجه الثاني : وهو أظهر أنه لا يحكم عليه بالنكول ، وإن حكم على المنكر بالنكول .
والفرق بينهما أن نكول المنكر يتعلق به حق لغيره ، ولا يتعلق بنكول المدعي حق لغيره ، ويكون له أن يحلف متى شاء ويستحق .
قال الماوردي : اختلف أصحابنا في تأويل هذه المسألة ، فذهب بعضهم إلى أنها مصورة في حاضر سمعت البينة عليه قبل جوابه عن الدعوى ، وهذا قول من أجاز ذلك منهم ، فإذا حضر مجلس الحكم بعد سماع البينة عليه أعلمه القاضي أسماء الشهود ، وأطرده جرحهم ، فإن أثبت ما يوجب سقوط شهادتهم أسقطها ، وإلا حكم بها وأمضاها .
وقال آخرون بل هي مصورة في غائب سمعت عليه البينة ثم قدم نفوذ الحكم