الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص313
وقال ابن أبي ليلى : لا أحكم له بالبينة حتى يحلفه معها ، كما لا أحكم له على غائب إلا بعد يمينه .
وهذا فاسد من وجهين :
أحدهما : إن في إحلافه مع بينته قدحا فيها .
والثاني : أنه يحلف في الغائب ، لجواز أن يكون قد قضاه ، والحاضر لو قضاه لذكره .
فلو أخر المدعي إحضار بينته ، وأراد ملازمة خصمه على إحضاره ، سأله القاضي عنها ، فإن كانت غائبة لم يكن له ملازمة الخصم وقيل له لك الخيار في تأخيره إلى حضور بينتك ، أو تحلفه فتسقط الدعوى ، فإن حضرت بينتك لم تمنع اليمين من سماعها .
وإن كانت البينة حاضرة في البلد ، فأراد ملازمته على حضورها كان له أن يلازمه ما كان مجلس الحكم في يومه باقيا .
فإذا انقضى المجلس لم يكن له ملازمته ما لم تشهد أحواله بوجود البينة .
فإن شهدت أحواله بوجود البينة جاز أن يلازمه إلى غاية أكثرها ثلاثة أيام لا يتجاوزها .
ولا يلزمه إقامة كفيل بنفسه .
وقال أبو حنيفة : له أن يلازمه أبدا ما كان حضورها ممكنا أو يعطيه كفيلا بنفسه لرواية الهرماس بن حبيب عن أبيه عن جده أنه استعدى رسول الله ( ص ) على رجل في حق له ، فقال له : الزمه .
ودليله ما رواه سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه وائل بن حجر أن رجلا من حضرموت ورجلا من كنده أتيا رسول الله ( ص ) فقال الحضرمي : هذا غلبني على أرض ورثتها من أبي ، وقال الكندي : أرضي وفي يدي أزرعها لا حق له فيها فقال النبي ( ص ) للحضرمي : ‘ شاهداك أو يمينه ‘ فقال : إنه فاجر لا يتورع من شيء فقال : ‘ ليس لك إلا ذلك ‘ فنفى استحقاق الملازمة .
فأما الجواب عن الخبر فهو أنه إذن في الملازمة على حق ، والحق ما ثبت وجوبه .