الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص312
وإن كانت الشهادة على غير إقرار كالثمن في بيع حضره أو صداق في نكاح شهده أو قرض شاهده ، ففي لزوم ذكره للسبب في أدائه وجهان ، كقوله في أداء الإقرار وأشهدني بناء على اعتبار الاسترعاء في التحمل .
فأما إن شهد بلفظ الخبر فقال له عليه كذا ، أو أعلم أن له عليه كذا ، أو أقر عندي أن عليه كذا لم تصح هذه الشهادة ، ولم يجز الحكم بها لأن الخبر حكاية حال مضافة إلى المشهود عليه ، فلم يتعلق بها الإلزام إلا بالشهادة المضافة إلى الشاهد .
فإذا تقرر اعتبار هذه الشروط الأربعة في صحة الشهادة لم يكن للقاضي أن يسمعها إلا بمسألة المدعي لأن سماعها حق له .
والأولى أن يسمعها على المدعى عليه في عينه وبمشهده .
فإذا سمعها لم يكن له أن يحكم بها ، إلا أن يسأله المشهود له أن يحكم له ببينته .
فإذا سأله الحكم فالأولى أن لا يحكم إلا بعد إعلام المشهود عليه أنه يحكم عليه بالبينة ، ليذكر ما لعله أن يكون عنده من الأسباب التي ترد بها الشهادة ، أو يقر فيكون الإقرار أقوى من الشهادة .
فإن حكم بها قبل إعلام المشهود عليه جاز .
وإن حكم بها قبل مسألة المشهود له ففي جوازه وجهان مبنيان على اختلاف الوجهين في جواز سؤال القاضي المدعى عليه قبل أن يطالبه المدعي بسؤاله :
أحدهما : لا يجوز حكمه ، لأنه حكم لغير طالب .
والوجه الثاني : يجوز حكمه لأن شواهد الحال تدل على الطلب .
فإن قال المدعى عليه قبل الشهادة : ما يشهد به هذان الشاهدان علي فهو حق لم يكن إقرارا منه بما يشهدان به لتقدمه على الشهادة .
ولو قال بعد الشهادة : ما شهدا به علي حق كان إقرارا .
ولو قال ما شهدا به على صدق لم يكن إقرارا .
والفرق بينهما أن الحق ما لزم فلم يتوجه إليه احتمال ، والصدق قد يكون فيما قضاه ، فتوجه إليه الاحتمال .
وإذا حكم عليه بالبينة لم يلزم إحلاف المدعي مع بينته ، وهو قول جمهور الفقهاء .