الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص307
ولا يجوز أن يطلق ذكر الدراهم والدنانير في الدعوى ، وإن جاز إطلاقا في الأثمان ، لأمرين :
أحدهما : إن زمان العقد يقيد صفة الأثمان بالغالب من النقود ، ولا يتقيد ذلك بزمان الدعوى لتقدمها عليه .
والثاني : لجواز أن يكون الثمن في الدعوى مشروطا من غير الغالب .
والضرب الثاني : أن تكون الدعوى قائمة فهي على ضربين :
أحدهما : أن تكون حاضرة فتصح الدعوى لها بالإشارة إليها ، من غير ذكر الصفة .
ولفظ الدعوى : أن يقول : لي في يده هذا العبد ، أو هذه الدابة . فإن قال : لي عنده ، جاز . وإن قال : لي عليه ، جاز عند بعض أصحابنا ولم يجز عند بعضهم .
والضرب الثاني : أن تكون العين غائبة فهي على ضربين :
أحدهما : أن تضبط بالصفة ، كالحبوب ، والأدهان ، مما له مثل فيصفها ، ولا تحتاج إلى ذكر قيمتها ، لأن القيمة لا تستحق في ذي المثل .
وإن كان مما يضبط بالصفة وليس بذي مثل ، كالثياب والحيوان ، لزم أن يستوفي جميع أوصافه ، ويستظهر بذكر قيمته ، لجواز أن يستحقها مع التلف ، فإن أغفل القيمة جاز مع بقاء العين لأنها غير مستحقة .
والضرب الثاني : أن تكون مما لا تضبط بالصفة كاللؤلؤ ، والجوهر ، فعليه في الدعوى ذكر الجنس والنوع ، وإن كان مختلف الألوان ذكر اللون ، ثم حرر الدعوى ونفى الجهالة بذكر القيمة ، لأنه لا يصير معلوما إلا بها .
فهذا شرح ما تصير الدعوى به معلومة يصح سماعها والسؤال عنها فإن قصر فيها المدعي للقاضي أن يسأله عما قصر فيه ولا يبتدئه بالتعليم .
فإن علمه تحرير الدعوى فقد ذكرنا اختلاف أصحابنا فيه على وجهين :
أحدهما : يجوز وهو قول أبي سعيد الإصطخري .
والثاني : لا يجوز وهو قول الأكثرين كما لا يجوز أن يعلمه احتجاجا ولا يلقنه إقرارا ، وإنكارا ، فهذا حكم الدعوى .
والأولى فيه أن يسأل المدعي القاضي بعد استيفاء دعواه مطالبة خصمه بما ادعاه عليه .