الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص305
وهذا جواب صحيح عن فساد هذه الدعوى ، وكان من صحتها أن يقول : إن أخاه قتل أخي ، وأنا وارثه ، وهذا من عاقلته ، لتتوجه له المطالبة بهذه الدعوى .
ولذلك لم يجز أن يحضر الغائب إلا بعد تحرير الدعوى بما يصح سماعها والحكم فيها ببينة أو يمين .
ولو كان الدعوى على حاضر في البلد ، جاز للقاضي إحضاره قبل تحرير الدعوى .
والفرق بينهما أن في إحضار الغائب مشقة ، فلم يلزم إلا بعد تحرير الدعوى ، وليس في إحضار من في البلد مشقة ، فجاز إحضاره قبل تحرير الدعوى .
فإذا تقرر ما وصفنا ، من واجب إعداء المستعدي ، وحضر الخصمان مجلس الحكم ، ففصل الحكم بينهما يشتمل على ستة فصول :
أحدها : ابتداء المدعي بتحرير الدعوى ، لتنتفي عنها الجهالة ، إلا فيما يصح تمليكه مع الجهالة كالوصايا فيجوز أن يدعيها مجهولة لأنه يجوز أن يتملكها مجهولة ولا تصح الدعوى فيما عداها إلا معلومة .
فإن قيل : لو أقر بمجهول جاز فهلا جاز أن يدعي مجهولا .
قيل : لوقوع الفرق بينهما بأنه قد تعلق بالإقرار حق لغيره فلزم بالمجهول خيفة إنكاره ولم يتعلق بالدعوى حق لغيره .
وإذا كان كذلك فالدعوى على ضربين :
أحدهما : أن تكون مما لا ينقل من دار وعقار فالعلم بها يكون بثلاثة أشياء : ذكر بلدها ، وذكر مكانها ، وذكر حدودها الأربعة .
فإن ذكر ثلاثة حدود منها ، لم يقنع وأجازه أبو حنيفة .
وإن اشتهرت الدار باسم في البلد لا يشاركها غيرها فيه ، ميزها بذكر الاسم ، لأنه زيادة علم .
ولفظ الدعوى في مثلها ، أن يقول : لي في يده ، ولا يقول : لي عليه ، ولا عنده .
ثم يصل هذه الدعوى ، بأن يقول : وقد غلبني عليها بغير حق ، أو قد باعها علي ولم يسلمها ، ولا يلزم معه البيع إلا بعد أن يختلفا فيه ، فتنتقل الدعوى إلى البيع فتوصف .