الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص302
فإن أخبر القاضي بامتناع الخصم من الحضور بعد استدعائه فإن أخبره العون الذي قد ائتمنه ، قبل قوله من غير بينة وإن أخبره به المستعدي لم يقبل قوله إلا بشاهدي عدل .
وقال أبو حنيفة : يقبل قوله بقول شاهدين وإن لم تعرف عدالتهما .
والعدالة عندنا شرط في كل شهادة .
فإذا ثبت عند القاضي امتناعه من الحضور كان مخيرا فيه بحسب اجتهاده بين ثلاثة أمور .
إما أن يحضره جبرا بأهل القوة من أعوانه .
وإما أن ينهي أمره إلى ذي سلطان يحضره جبرا ، بعد أن لا يهتك عليه ولا على حرمه سترا .
وإما بما اختاره أبو يوسف ، أن ينادي على بابه ، بما يتوجه عليه في الامتناع وبما يمضيه عليه من الحكم .
فإذا تعذر حضوره مع هذه الأحوال كلها سأل القاضي هذا المدعي : ألك بينة ؟
فإذا كان له بينة أذن له في إحضارها وأمره بتحرير الدعوة وسمع ببينته بعد تحريرها ، وحكم عليه بعد النداء على بابه ، بإنفاذ الحكم عليه ويجري مجرى الغائب في الحكم عليه .
ولا يلزم القاضي في حق هذا المتواري أن يحلف المدعي أنه ما قبض هذا الحق ولا شيئا منه ، كما يحلفه للغائب لأن هذا قادر بحضوره على المطالبة بذلك لو أراد بخلاف الغائب فافترقا فيه .
فإن قال المدعي ليست لي بينة فقد اختلف أصحابنا : هل يكون هذا الامتناع من الحضور كالنكول في رد اليمين على المدعي أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه لا يجعل نكولا ، لأن النكول بعد سماع الدعوى ، وسؤاله عن الجواب ، فيصيران شرطين في النكول ، وهما مفقودان مع عدم الحضور .
والوجه الثاني : وهو أشبه أن يجعل كالنكول بعد النداء على بابه بمبلغ الدعوى وإعلامه بأنه يحكم عليه بالنكول لوجود شرطي النكول في هذا النداء ، فعلى هذا يسمع القاضي الدعوى محررة ، ثم يعيد النداء على بابه ثانية بأنه يحكم عليه بالنكول .