الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص288
أحدها : أن يشفع في محظور ، من إسقاط حق ، أو معونة على ظلم ، فهو في الشفاعة ظالم وبقبول الهدية عليها آثم ، تحل له الشفاعة ، ولا تحل له الهدية ،
والقسم الثاني : أن يشفع في حق يجب عليه القيام به ، فالشفاعة مستحقة عليه والهدية عليه محظورة ؛ لأن لوازم الحقوق لا يستعجل عليها .
والقسم الثالث : أن يشفع في مباح لا يلزمه ، فهو بالشفاعة محسن لما فيها من التعاون ، وقد روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ اشفعوا إلي ، ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء ‘ .
وللهدية على هذه الشفاعة ثلاثة أحوال :
إحداها : أن يشترطها الشافع فقبولها محظور عليه ؛ لأنه يستعجل على حسن قد كان منه .
والحال الثانية : أن يقول المهدي هذه الهدية جزاء على شفاعتك فقبولها محظور عليه ، كما لو شرطها ؛ لأنها لما جعلت جزاء صارت كالشرط .
والحال الثالثة : أن يمسك الشافع عن اشتراطها ويمسك المهدي عن الجزاء بها فإن كان مهاديا قبل الشفاعة ، لم يمنع الشافع من قبولها ولم يكره له القبول ، وإن كان غير مهاد قبل الشفاعة كره له القبول ، وإن لم يحرم عليه فإن كافأ عليها لم يكره له القبول .
قال الماوردي : فقد ذكرنا أن على القاضي في النظر بين الخصوم أن يقدم السابق على المسبوق ، فإن حضره مسافرون ومقيمون ، ففي تأخير المسافرين إذا كانوا مسبوقين إضرار بهم لتأخرهم عن العود إلى أوطانهم ، فإن قلوا ولم يكثروا قدمهم القاضي على المقيمين .
واختلف أصحابنا هل يعتبر في تقديمهم استطابة نفوس المقيمين ؟ على وجهين :
أحدهما : لا تعتبر ، ويجوز للقاضي أن يقدمهم وإن كره المقيمون لدخول الضرر على المسافرين دون المقيمين .