الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص286
وأما الصنف الثالث وهم قضاة الأحكام ، فالهدايا في حقهم أغلظ مأثما ، وأشد تحريما ، لأنهم مندوبون لحفظ الحقوق على أهلها دون أخذها ، يأمرون فيها بالمعروف وينهون فيها عن المنكر وقد روى أبو هريرة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم ‘ فخص الحكم بالذكر لاختصاصه بالتغليظ .
وينقسم حال القاضي في الهدية على ثلاثة أقسام :
أحدها : أن تكون الهدية في عمله ، من أهل عمله ، فللمهدي ثلاثة أحوال :
إحداها : أن يكون ممن لم يهاده قبل الولاية فلا يجوز أن يقبل هديته سواء كان له في حال الهدية محاكمة ، أو لم يكن ؛ لأنه معرض لأن يحاكم أو يحاكم ، وهي من المتحاكمين رشوة محرمة ومن غيرهم هدية محظورة .
والحال الثانية : أن يكون ممن يهاديه قبل الولاية لرحم أو مودة وله في الحال محاكمة ، فلا يحل له قبول هديته ؛ لأن قبولها ممايلة .
والحال الثالثة : أن يكون ممن بهاديه قبل الولاية وليس له محاكمة فينظر : فإن كانت من غير جنس هداياه المتقدمة ؛ لأنه كان يهاديه بالطعام فصار يهاديه بالثياب ، لم يجز أن يقبلها ؛ لأنه الزيادة هدية بالولاية ، وإن كانت من جنس ما يهاديه قبل الولاية ففي جواز قبولها وجهان :
أحدهما : يجوز أن يقبلها لخروجها عن سبب الولاية .
والوجه الثاني : لا يجوز أن يقبلها لجواز إن تحدث له محاكمة ينسب بها إلى الممايلة .
والقسم الثاني : أن تكون الهدية في عمله ، من غير أهل عمله فلمهديها ثلاثة أحوال :
إحداها : أن يكون قد دخل بها إلى عمله ، فقد صار بالدخول بها من أهل عمله فلا يجوز أن يقبلها ، سواء كانت له محاكمة أو لم تكن لجواز أن تحدث له محاكمة .
والحال الثانية : أن لا يدخل بها المهدي ويرسلها وله محاكمة وهو فيها طالب أو مطلوب فهي رشوة محرمة .
والحال الثالثة : أن يرسلها ولا يدخل بها ، وليس له محاكمة ففي جواز قبولها وجهان :
أحدهما : لا يجوز لما يلزمه من النزاهة .
والثاني : يجوز لوضع الهدية على الإباحة .
والقسم الثالث : أن تكون الهدية في غير عمله ومن غير أهل عمله لسفره عن