الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص273
جنسا ، ويستكمل ما جرت به العادة بلبسه ، من العمامة والطيلسان وأن يتميز بما جرت به عادة القضاة ، من القلانس والعمائم السود ، والطيالسة السود ، فقد اعتم رسول الله ( ص ) ، يوم دخول مكة ، عام الفتح ، بعمامة سوداء تميز بها عن غيره ويكون نظيف الجسد ، يأخذ شعره وتقليم ظفره ، وإزالة الرائحة المكروهة من بدنه ، ويستعمل من الطيب ما يخفي لونه ، وتظهر رائحته ، إلا أن يكون في يوم ينظر فيه بين النساء ، فلا يستعمل من الطيب ما نم .
وأما مجلسه في الحكم فيبغي أن يكون فسيحا لا يضيق بالخصوم ولا يسرع فيه الملل ويفترش بساطا ، لا يزري ، ولا يطغى ، ويختص فيه بمقعد ووسادة ، لا يشاركه غيره فيهما . وليكن جلوسه في صدر مجلسه ، ليعرفه الداخل عليه ببديهة النظر ، ولو كان مستقبلا فيه القبلة كان أفضل .
ويفتتح مجلسه بركعتين ، يدعو بعدهما بالتوفيق ، والتسديد ، ثم يطمئن في جلوسه متربعا مستندا أو غير مستند .
وأما سمته : فينبغي أن يكون في مجلس الحكم غاض الطرف ، كثير الصمت ، قليل الكلام ، يقتصر من كلامه على سؤال أو جواب ، ولا يرفع بكلامه صوتا ، إلا لزجر وتأديب ، وليقلل الحركة والإشارة ، وليقف من أعوانه بين يديه من يستدعي الخصوم إليه ، ويرتب مقاعد الناس في مجلسه ، ويكون مهيبا مأمونا لينصان به مجلسه ، وتكمل به هيبته .
ويجعل يوم جلوسه للحكم العام معروف الزمان ، والمكان ، وأول النهار أولى به من آخره .
والاعتدال أن يكون له في كل أسبوع يومان إن أقنعا ، ولا يخل يوم في كل أسبوع .
فإن وردت فيما عداه أحكام خاصة لم يؤخرها ، إن ضرت وكان فيها بين أن يستخلف من ينوب عنه في النظر ، وبين أن ينظر فيها بنفسه ، بعد أن يستكمل الراحة والدعة لئلا يسرع إليه ملل ولا ضجر .
