الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص272
قال الماوردي : اعلم أن القضاة زعماء العدل والإنصات ندبوا لأن يتناصف بهم الناس ، فكان أولى أن يكونوا أنصف الناس .
قال الله تعالى : ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) [ الآية : 26 ] .
وقال تعالى : ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ) [ قصص : 50 ] .
وروى عطاء بن يسار عن أم سلمة أن النبي ( ص ) قال : ‘ من ابتلي بالقضاء بين الناس بالمسلمين فليعدل بينهم في لحظه ، وإشارته ، ومقعده ، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ، ما لا يرفع على الآخر ‘ .
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الاشعري ، في عهده على قضاء البصر : ‘ آس بين الناس ، في وجهك ، ومجلسك ، وعدلك ، حتى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك ‘ .
وللقضاءة آداب تزيد بها هيبتهم ، وتقوى بها رهبتهم ، والهيبة والرهبة في القضاة من قواعد نظرهم لتقود الخصوم إلى التناصف وتكفهم عن التجاحد .
وآدابهم ، بعد ما قدمنا من الشروط المعتبرة في صحة ولاياتهم ، تشتمل على ثلاثة أقسام :
أحدها : آدابهم في أنفسهم : وهو معتبر بحال القاضي ، فإن كان موسوما بالزهد والتواضع والخشوع ، كان أبلغ في هيبته ، وأزيد في رهبته .
وإن كان ممازجا لأبناء الدنيا ، تميز عنهم بما يزيد في هيبته ، من لباس لا يشاركه غيره فيه ، ومجلس لا يساويه غيره فيه وسمت يزيد على غيره فيه .
فأما اللباس فينبغي أن يختص بأنظفها ملبسا ، ويخص يوم نظره بأفخر لباسه
