الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص269
فأما قسمة الحديد والنحاس فإن كان غير مصنوع جاز قسمه إجبارا واختيارا ولم يعتبر فيه التقابض قبل الافتراق .
وإن كان مصنوعا أواني أو سيوفا فإن اختلفت وتفاضلت قسمت اختيارا ولم تقسم إجبارا .
وإن تشابهت وتماثلت ففي قسمها إجبارا وجهان كالحيوان والثياب .
وأما قسمة الدين فلا يخلو أن يكون على غريم واحد أو على غرماء .
فإن كان على غريم واحد فقسمته فسخ الشركة فيه .
فإذا فسخت انقسم الدين في ذمة الغريم وصار لكل واحد من الشركاء قدر حقه منه ، ويجوز أن ينفرد باقتضائه وقبضه .
ولو كانت الشركة باقية على حالها لم تفسخ لم يجز لأحد الشركاء فيه أن ينفرد باقتضائه وقبضه منه ، وكان ما قبضه مشتركا بينهم أن قبضه عن غير إذنهم .
وإن أذنوا له في قبض حقه منه جاز ، وكان إذنهم له في قبض حقه فسخا لشركته .
ولا وجه لمن خرجه على قولين ، كالمكاتب إذا أدى إلى أحد الشريكين مال كتابته بإذن شريكه ، أنه على قولين ، لوقوع الفرق بينهما ، بثبوت الحجر على المكاتب ، وعدمه في الغريم .
وإن كان الدين على جماعة غرماء ، فيختص كل واحد من الشريكين بما على كل واحد من الغرماء ، لم يجز قسم ذلك إجبارا ، لأن الغرماء قد يتفاضلون في الذمم واليسار .
وفي جواز قسمه اختيارا قولان :
أحدهما : يجوز ، إذا قيل إن القسمة إفراز حق .
والثاني : لا يجوز إذا قيل إن القسمة بيع .
ووجه صحتها على هذا القول ، أن يحيل كل واحد منهم لأصحابه بحقه على الغريم الذي لم يختره ، ويحيلوه بحقوقهم على الغريم الذي اختاره ، فيتعين ذلك بالحوالة دون القسمة .
