الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص266
قال الماوردي : اعلم أن المقصود بالقسمة شيئان :
أحدهما : أن يمتنع بها من سواء المشركة .
والثاني : كمال التصرف الذي يمتنع باختلاف الأيدي ، فصار المقصود بها دفع الضرر ، فلم يجز أن يدخلها إجبار بدخول الضرر ، وقد جاء في بعض الأخبار أن النبي ( ص ) نهى عن قسمة الضرار وليس بثابت عند أهل الحديث .
وقد ذكرنا أن الأموال المشتركة تنقسم ثلاثة أقسام قسم تدخله قسمة الإجبار ، وقسم تدخله قسمة الاختيار ، وقسم ينتفي عنه القسم جبرا أو اختيارا .
فمما يدخله القسم الضياع والعقار ، فما لم يكن فيه تعديل ولا رد دخله قسمة الإجبار ، ولا يمنع ما فيه من البناء والشجر من قسمة جبرا إذا تماثل وتقارب فإن تحقيق المماثلة فيه متعذر فلم يمتنع إن يكون تبعا لما يتحقق تماثله من الأرض .
وأما ما فيه رد ، فلا تدخله قسمة الإجبار ، ويكون موقوفا على قسمة الاختيار .
وأما ما فيه تعديل ، ففي دخول قسمة الإجبار فيه قولان مضيا .
فأما قسمة ما كان منه وقفا محرما ، فإن لم يختلط بملك لم تجز قسمته ؛ لأن حقوق أهله مقصورة على منافعه وإن اختلط بملك ، فإن قيل : إن القسمة إفراز حق ، جاز قسمه جبرا .
وإن قيل : إن القسمة بيع ففي جواز قسمه قولان :
أحدهما : لا تجوز جبرا ، ولا اختيارا ، تغليبا للوقف .
والثاني : تجوز جبرا واختيارا ، تغليبا للملك .
وأما القسم البناء والشجر دون أرضه فلا يجوز إجبارا ويجوز اختيارا .
وإن كان عددا ، فإن تفاضلوا لم يقسموا إجبارا ، وقسموا اختيارا .
وإن تماثلوا ففي قسمها إجبارا وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من مذهب الشافعي ، وبه قال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق المروزي ، يقسم إجبارا لتماثلها .
