الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص262
واختلف أصحابنا في بطلان القسمة فيما عداه :
فخرجه أبو علي بن أبي هريرة على قولين ، من تفريق الصفقة في البيع .
وذهب أبو إسحاق المروزي ، وجمهور أصحابنا ، إلى بطلان القسمة في الجميع قولا واحدا ، سواء قيل إن القسمة بيع أو إفراز حق .
لأن القدر المستحق لشريك ثالث لم يقاسمهما ، فصار كأرض بين ثلاثة غاب أحدهم ، فاقتسمها الحاضران على أن تكون حصة الغائب مشاعة في سهم كل واحد منهما كانت القسمة باطلة في الجميع كذلك في السهم المستحق .
وإنما بطلت في الجميع ؛ لأن السهم المستحق وسهم الغائب كان مشاعا في ملك واحد يقدر على إحازته مجتمعا بالقسمة فلم يجز أن يجعل في ملكين لا يقدر على جمعه بالقسمة .
قال الماوردي : وصورتها : في أرض أو دار اقتسمها وارثان ، ثم ظهر على الميت دين ثبت بإقرار أو بينة فقد اختلف قول الشافعي في بيع الورثة لملك من التركة في حقوق أنفسهم قبل قضاء الدين على قولين :
أحدهما : أن البيع باطل ؛ لأن التركة مرتهنة بالدين فلم يجز بيعها كالرهن .
والقول الثاني : أن البيع جائز لأن الدين لا يتعين استحقاقه من التركة لجواز قضائه من غيرها .
وخالف الرهن لتعلق الدين بالرهن عن اختيار ، وتعلقه بالتركة من غير اختيار .
وفي بيع ما تعلق به حق عن غير اختيار ، قولان كبيع العبد الجاني والمال إذا وجبت في الزكاة ، كل ذلك على قولين ، لوجوبه عن غير اختيار ، وبطل في الرهن لوجوبه عن اختيار .
وإذا تقرر ما ذكرناه من هذا الأصل في بيع التركة كانت القسمة بناء عليه .
فإن قيل : إنها إفراز حق وتمييز نصيب صحت القسمة .
وإن قيل : إنها بيع ففي بطلانها قولان كالبيع .