الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص256
والضرب الثاني : أن لا يمكن تساويهما في الجيد والرديء لأن العمارة في أحد النصفين دون الآخر ، أو لأن الشجر والبناء في أحد النصفين دون الآخر ، فقسمة مثل هذا قد تكون على أحد أربعة أضرب :
أحدها : أن تقسم قسمة تعديل بالقيمة على زيادة الذرع : مثاله : أن تكون الأرض ثلاثين جريبا بين شريكين نصفين وتكون عشرة أجربة من جيدها بقيمة عشرين جريبا من رديئها ، فيقسم بينهما على فضل الذرع فيجعل أحد السهمين عشرة أجرته ، لفضل جودته ، والسهم الآخر عشرين جريبا ، لنقص رداءته .
ففي دخول الإجبار في هذه القسمة قولان :
أحدهما : أنه لا إجبار فيها لتعذر التساوي في الذرع وتكون موقوفة على التراضي .
والقول الثاني : واختاره أبو حامد الإسفراييني : أنه تدخلها قسمة الإجبار لوجود التساوي في التعديل .
فعلى هذا فيما يستحقه القاسم من أجرته وجهان :
أحدهما : أنها على الشريكين نصفين ، لتساويهما في أصل الملك .
والوجه الثاني : أن على صاحب العشرة الأجربة ثلثها ، وعلى صاحب العشرين ثلثاها لتفاضلهما في المأخوذ بالقسمة .
والضرب الثاني : أن تقسم قسمة رد مع التساوي في الذرع ، مثاله : أن يكون الشجر والبناء في جانب من الأرض ، فيقسم الأرض بينهما نصفين بالسوية ، ويجعل الشجر والبناء قيمة ، فإن كانت قيمته ألف درهم ، وجب على من صار له جانب الشجر والبناء خمسمائة درهم يدفعها إلى صاحبه .
فهذه القسمة ، قسمة مراضاة ، لا يدخلها الإجبار ؛ لأن دخل الرد بالعوض يجعلها بيعا محضا ، وليس في البيع إجبار .
ولهما في هذه القسمة أربعة أحوال :
أحدها : أن يتراضيا بهذه القسمة ويتفقا على من يأخذ الأعلى ويرد ، ومن يأخذ الأدنى ويسترد ، فقد تمت القسمة بينهما بالمراضاة بعد تلفظهما بالتراضي ؛ لأن البيع لا يصح إلا باللفظ ويكون تلفظهما بالرضى جاريا مجرى البدل والقبول ، ولهما خيار المجلس ما لم يفترقا وإن شرطا في حال الرضا خيار ثلاث كان لهما .
وقال مالك : إن كان الرد فيها قليلا صحت ، وإن كان كثيرا بطلت .
