الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص249
وقال أبو يوسف ومحمد : القياس تقسيطها على الرؤوس والاستحسان تقسيطها على السهام .
واستدل من قسطها على العدد ، بأن عمل القاسم في قليل السهم أكثر من عمله في كثيره ؛ لأن الأرض إذا كانت بينهما نصفين قسمها نصفين وإذا كان لأحدهما سدسها ، وللآخر باقيها قسمها أسداسا فكان في حق القليل أكثر عملا فاقتضى إذا لم يزد أن لا ينقص .
وهذا فاسد من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن مؤن المال المشترك يجب تقسيطها على قدر الملك دون الملاك كنفقات البهائم .
والثاني : أنه قد يقل سهم أحد الشريكين حتى يكون سهما من مائة سهم ؛ فلو التزم نصف الأجرة لجاز أن تستوعب قيمة ملكه فتؤدي إجازة ملكه بالقسمة إلى إزالة ملكه بها وهذا مدفوع في المعقول .
والثالث : أنه لما كان ثمن الملك لو بيع مقسطا بينهم على السهام ، اقتضى أن تتقسط أجرة قسمه على السهام .
واستدلالهم بأن عمل القاسم في قليل السهم أكثر ، ففاسد من وجهين :
أحدهما : أنه لو كان أكثر لوجب أن يكون ما يلزمه أكثر .
والثاني : أنه خطأ ؛ لأنه قد يكون لصاحب السدس سهم ولصاحب الباقي خمسة أسهم وعمله في الخمسة أسهم أكثر من عمله في السهم الواحد ؛ لأنه يحتاج أن يذرع الجميع فيعرف مساحته .
وقولهم أن كثرة العمل لقلة سهم الآخر خطأ بل هو لكثرة سهم شريكه فبطل الاستدلال .
فإن كان في الشركاء المقتسمين مولى عليه بجنون أو صغر فإن كان ينتفع بقسمة سهمه ألزم من أجرة القسمة بقسطه .
وإن كان يستضر بها ولا ينتفع بقسمتها ولم يكن المنع منها لانتفاع باقي الشركاء بها فقد قال الشافعي : في نفسي من أن أحمل عليه شيئا وهو ممن لا رضى له شيء . فاختلف أصحابنا : هل أشار بذلك إلى القسمة أو الأجرة ؟
فقال بعضهم : إنما أشار به إلى أصل القسمة فخرجوا القسمة لاحتمال هذا الكلام على وجهين :