الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص248
وإن كان المقتسمون قد دعوا إليها ، ففي وجوب الأجرة ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو الظاهر من مذهب الشافعي لا أجرة له ؛ لأنه بذل عمله من غير شرط .
والوجه الثاني : وهو الظاهر من مذهب المزني ، له الأجرة ؛ لأنهم استهلكوا عمله من غير استحقاق .
والوجه الثالث : أن يعتبر حال القاسم ، فإن جرت عادته بأخذ الأجرة استحقها وإن لم تجر عادته بأخذها لم يستحقها ، لأن العرف في حقهما كالشرط .
فإذا وجبت الأجرة ، وكان القاسم واحدا أخذها ، إن كانا اثنين ، فلهما في الأجرة ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يستحقا أجرة المثل ، فيجب لكل واحد منهما أجرة مثله .
والحال الثانية : أن يكون لكل واحد منهما أجرة مسماة ، فيختص كل واحد منهما بأجرته ، قلت أو كثرت ، سواء تساويا فيها أو تفاضلا .
والحال الثالثة : أن يسمى لهما أجرة واحدة فليس على المقتسمين غيرها .
وفي اقتسامهما بها وجهان :
أحدهما : يقتسمانها نصفين اعتبارا بالعدد .
والوجه الثاني : يقتسمانها على قدر أجور أمثالهما اعتبارا بالعمل .
قال الماوردي : وهو كما قال : إذا استأجر المقتسمون القاسم بأجرة مسماة فلهم فيها حالتان :
إحداهما : أن يستأجره كل واحد منهم في حقه خاصة دون شركائه ، فهذا جائز ويختص كل واحد منهم في حقه بالتزام ما سمى ، ولا فرق بين أن يتساووا فيه أو يتفاضلوا .
والحال الثانية : أن يجتمعوا على استئجاره بأجرة واحدة فهذا جائز وهو أولى ، لتنتفي التهمة عنهم في التفضيل والممايلة وتكون الأجرة مقسطة بينهم عند الشافعي على قدر الأنصباء والسهام ولا يقسط على أعداد الرؤوس .
وقال أبو حنيفة : يقسط على أعداد رؤوسهم يستوي فيها من قل نصيبه وكثر .