الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص247
فإن تراضوا بها حملوا في العدد على ما اتفقوا عليه من واحد أو اثنين كما حملوا فيه على اختيارهم للقاسم ، وإن لم يكن مختارا ولا يقبل الحاكم قول هذا القاسم ؛ لأنه ليس بتائب عنه ولا يسمع شهادته ؛ لأنه شاهد على فعله .
وإن أمر الحاكم بالقسمة وخرجت عن حكم الاختيار ففي القسمة تعديل وحكم والتعديل معتبر باثنين كالتقويم ولا يعول في التقويم إلى على قول مقومين والحكم فيه قول واحد كالحاكم .
فينظر في القسمة : فإن كان فيها تعديل وتقويم لم يجزئ فيها أقل من قاسمين .
وإن لم يكن فيها تعديل ولا تقويم فقد قال الشافعي في موضع أمر الحاكم الشركاء أن يجتمعوا على قاسمين ، فظاهر هذا أنه لا يجزئ قاسم واحد .
وقال في غيره أن القاسم حاكم فظاهره أنه يجزئ قاسم واحد .
واختلف أصحابنا كما اختلفوا في الخرص فخرجه أكثرهم على قولين :
أحدهما : أنه يجزئ قاسم واحد ، كما يجزئ كيال واحد ، ووزان واحد .
والقول الثاني : لا أنه يجزئ أقل من قاسمين ، كما لا يجزئ أقل من مقومين ، وكما لا يجزئ في جزاء الصيد أقل من مجتهدين ولا يمتنع إذا كان القاسم كالحاكم أن يجمع فيه بين اثنين كما قال تعالى : ( فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) .
وقال آخرون من أصحابنا : ليس ذلك على قولين ، وإنما هو على اختلاف حالين : وهو إن كان في الشركاء طفل ، أو غائب ، لا يجيب عن نفسه لم يجز أقل من قاسمين ، وإن كانوا حضورا يجيبون عن أنفسهم أجزأ قاسم واحد ، ويقبل الحاكم قول القاسم ها هنا ، لاستنابته له كما يقبل قول خلفائه فإن جازت بقاسم واحد قيل فيها قول الواحد ، وإن لم تجز إلا بقاسمين لم يقبل قول الواحد وقبل قول الاثنين .
وأما أجرة القسام فللمقتسمين فيها أربعة أحوال :
إحداها : أن يتفقوا فيها على أجرة معلومة ، فليس له غيرها ولا عليهم أكثر منها .
والحال الثانية : أن يتفقوا على التطوع بالقسمة فلا أجرة للقاسم .
والحال الثالثة : أن يتفقوا على أجرة مجهولة ، أو أجرة فاسدة ، فتكون للقاسم أجرة مثله .
والحال الرابعة : أن لا يجري للأجرة ذكر ، فلا يكون من المقتسمين بذل ، ولا من القاسم طلب ، فينظر في القسمة ، فإن كان الحاكم قد أمر بها ، وجب للقاسم أجرة مثله .