الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص246
فإن اكتفى عمله بقاسم واحد . وإلا اختار ممن يحتاج إليه العمل ، من ثان ، وثالث ليغني المقتسمين عن اختيار القاسم فقد يضعف كثير منهم عن الاجتهاد في اختيارهم .
وينبغي أن تكون أجور هؤلاء القسام من بيت المال ؛ لأن عليا رزقهم منه ، ولأنهم مندوبون للمصالح العامة فاقتضى أن تكون أجورهم من أموال المصالح .
فإن كثرت القسمة واتصلت فرضت أرزاقهم مشاهرة في بيت المال من سهم المصالح وإن قلت أعطوا منه أجرة كل قسمة .
فإن عدل المقسمون عنهم إلى قسمة من تراضوا به من غيرهم جاز ، ولم يعترض عليهم ، وجاز أن يكون من ارتضوه عبدا ، أو فاسقا ، وكانت أجرته في أموالهم ولم تكن في بيت المال .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا أعوزت أجور القسام من بيت المال ، إما لعدمه فيه ، وإما لحاجة المقاتلة إليه كانت أجورهم على المتقاسمين إن لم يجدوا متبرعا .
ولا تمنع نيابتهم عن القضاة أن يعتاضوا على القسمة بخلاف القضاة الممنوعين من الاعتياض على الأحكام من الخصوم الوقوع الفرق بينهما وجهين :
أحدهما : إن في القضاء حقا لله تعالى يمنع به القاضي من الاعتياض ، والقسمة من حقوق الآدميين المحضة فجاز للقاسم الاعتياض عنها .
والثاني : أن للقاسم عملا يباشر بنفسه فصار كصناع الأعمال في جواز الاعتياض عنها وخالف القضاة المقتصرين على الأوامر والنواهي التي لا يصح الاعتياض عنها .
وإنما يأخذ القاضي رزقه من بيت المال لانقطاعه إلى الحكم وليس بأخذه أجرة على الحكم كما نقوله في أرزاق الأئمة والمؤذنين .
أحدهما : عدد القسام .
والثاني : حكم الأجرة .
فأما عدد القسام فللقسمة حالتان :
أحدهما : أن يتراضى بها المقتسمون .
والثانية : أن يأمر بها الحكام .