الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص240
وحكي فيه عن ابن أبي ليلى أن بينته تسمع بجرحهم وفسقهم فإن أقامها سقطت شهادتهم وبطل الحكم لثبوت جرحهم فلم يؤخذ بالحق .
ثم ذكر الشافعي مذهبه وهو أن ينظر فيما ذكره من جرحهم :
فإن كان مما ترد به الشهادة مع العدالة بأن يدعي أنهم أعداؤه ، أو لهم فيما شهدوا به شرك ، أو بينهم وبين المشهود له ولادة تمنع من الشهادة . فهذا مانع من قبل شهادتهم ، وليس بجرح في عدالتهم ، فتسمع منه البينة بذلك ويبطل بهذا الحكم عليه .
وإن جرحهم بالفسق ، وما تسقط به العدالة ، فلا تخلو بينة الجرح من ثلاثة أحوال :
إحداها : أن تشهد بفسق الشهود في وقت شهادتهم فتسمع بينته بهذا الجرح لأن بينة الجرح أولى من بينة التعديل وتسقط شهادتهم بهذا الجرح ويبطل به الحكم .
والحال الثانية : أن يشهدوا بفسق الشهود بعد الحكم بشهادتهم ، فلا تسمع بينته بهذا الجرح لأن حدوث الفسق بعد تقدم العدالة لا يمنع من صحة ما تقدم من الحكم بالشهادة ، ويؤخذ بالحق .
والحال الثالثة : أن يشهدوا بفسق الشهود قبل سماع شهادتهم ، فيعتبر ما بين زمان الجرح والشهادة .
فإن كان قريبا لا يتكامل صلاح الحال في مثله ، سمعت بينة الجرح ، وحكم بسقوط شهادتهم .
وإن تطاول ما بين زمان الجرح والشهادة لم تسمع بينة الجرح ، وحكم بشهادتهم ، لأن الحال يصلح مع تطاول الزمان ، ويرتفع الفسق بما حدث بعده من العدالة .
فإن سأل مدعي الجرح إنظاره بإحضار البينة حتى يلتمسها انظر بها ثلاثة أيام ، فإن أحضرها ، وإلا أخذ بالحق وأمضى عليه الحكم .
فإن سأل إحلاف المحكوم له على عدالة شهوده ، لم تلزمه اليمين ؛ لأن تعديل الشهود إلى الحاكم دون المحكوم له ، ولا مدخل لليمين فيه .
ولو سأل إحلافه على أن لا ولادة بينه وبينهم ، ولا شركة ، وجب إحلافه على ذلك ، لاختصاصه بالمحكوم له دون الحاكم .
ولو سأل إحلافه على أن لا عداوة بينه وبينهم ، فهذا مما يخفي عليه فلم يلزم إحلافه عليه .
فإن سأل المحكوم عليه بعد استيفاء الحق منه الإشهاد له بقبض الحق منه ، وجب