الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص237
وأحوط للمحكوم عليه ، وإن شاء لم يسمهم ، وهو أولى عند أهل الكوفة ، وأحوط للمحكوم له .
فإن لم يسمهم ، قال : شهد به عندي رجلان حران عرفتهما بما يجوز به قبول شهادتهما .
وإن سماهم قال : شهد به عندي فلان وفلان وقد ثبت عندي عدالتهما .
فإن لم يذكر ثبوت عدالتهما عنده وذكر الحكم بشهادتهما فهل يكون تنفيذه للحكم بشهادتهما تعديلا منه لهما ؟ على وجهين ذكرناهما .
وإن كان الحكم على الغائب بإقراره ذكر في كتابه : أنه أقر عندي طوعا في صحة منه وجواز أمر لأن إقرار المكره ومن لا يجوز أمره من الصغير والسفيه غير لازم .
فإن اقتصر في كتابه على الحكم عليه بإقراره ، ولم يقل طوعا في صحة منه وإجواز أمر ، فهل يقوم حكمه عليه مقام ذكره لذلك أم لا ؟ على وجهين كالحكم بالشهادة هل يقوم مقام ذكره للعدالة .
وإن كان الحكم على الغائب بنكوله ويمين الطالب ذكره القاضي مشروحا في كتابه .
فيصير الحق ثابتا على الغائب من أحد ثلاثة أوجه :
أحدهما : بإقراره وهو أقوى .
والثاني : بنكوله ويمين الطالب هو أضعف .
والثالث : بالشهادة على إقراره وهو أوسط .
فإن ذكر القاضي في كتابه ما حكم به عليه من هذه الوجوه الثلاثة فهو الصحيح النافي للتهمة .
وإن لم يذكر في كتابه ما حكم به منها وقال : ثبت عليه عندي بما تثبت بمثله الحقوق ففي جوازه وجهان :
أحدهما : يجوز لأن كل واحد من الثلاثة تثبت به الحقوق .
والوجه الثاني : لا يجوز لاختلاف أحكامهما ؛ لأنه في الإقرار لا تسمع منه البينة في الأعيان وتسمع منه البينة في النكول وتتعارض به البينة في الشهادة فترجح بوجود اليد عندنا وترجح بعدمها عند أبي حنيفة .
فإذا اختلف الحكم بالحق في جنبه المحكوم عليه في كل واحد من الوجوه الثلاثة لم يجز للقاضي إغفال ذكرها لما فيه من إسقاط حجة المحكوم عليه .