الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص233
ولو كان أحد القاضيين من قبل الآخر ، فتغيرت حال المولي بموت ، أو عزل ، انعزل المولى ، ولم يكن له قبول كتاب المولي .
ولو كان القاضي واليا من قبل الخليفة ، فمات الخليفة أو خلع ، لم ينعزل به القاضي وجاز له قبول كتابه .
والفرق بينهما : أن الخليفة يستنيب القضاة في حقوق المسلمين فلم ينعزلوا بموته ، وتغير حاله ، والقاضي يستنيب خليفته في حق نفسه ، فانعزل بموته وتغير حاله .
فعلى هذا الفرق يجوز للقاضي أن يعزل خليفته بغير موجب ، ولا يجوز للخليفة أن يعزل القاضي بغير موجب .
وسوى بعض أصحابنا بين موت الخليفة والقاضي في انعزال من ولياه .
وسوى آخرون منهم في بقاء ولاية من ولياه .
والذي عليه قول جمهورهم ما ذكرناه من الفرق بينهما .
وإذا سافر القاضي عن بلد ولايته ، وكتب كتابا بحكم إلى قاض آخر لم يكن للمكاتب أن يقبل كتاب الكاتب لأن كتابه حكم ، وحكمه لا ينفذ في غير عمله .
ولو كتبه الكاتب وهو في عمله فوصل إلى المكاتب وهو في غير عمله . لم يكن له أن يقبله ، لأن قبوله حكم ، وحكمه في غير عمله لا ينفذ .
ولو أن قاضيين اجتمعا في غير عملهما ، مثل قاضي البصرة وقاضي الكوفة إذا اجتمعا ببغداد لم يكن لأحدهما أن يؤدي إلى الآخر ما حكم به ، ولا أن يقبل منه ما حكم به ، لأن الأداء والقبول حكم لا يصح منهما في غير عملهما .
ولو أنهما اجتمعا في بلد أحدهما مثل قاضي البصرة وقاضي الكوفة إذا اجتمعا في البصرة ، فأدى كل واحد منهما إلى الآخر ما حكم به ، لم يجز لقاضي البصرة أن يحكم بما أداه إليه قاضي الكوفة .
لأنه أداه في غيره عمله ، وأداؤه حكم وليس بشهادة لأمرين :
أحدهما : أن قوله وحده مقبول ، والشهادة لا تقبل إلا من اثنين .
والثاني : أنه يخبر بفعل نفسه ولا تقبل شهادة الشاهد على فعل نفسه .
فأما ما أداه قاضي البصرة إلى قاضي الكوفة فأداؤه مقبول ، لأنه يؤديه في غير عمله .