الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص229
فإذا حضر جدد الطالب الدعوى ، ووصفها ، وسأل القاضي الخصم المطلوب عنها .
فإن اعترف بها ، وأقر لم يحتج الطالب إلى إيصال الكتاب ، وحكم له بإقرار المطلوب .
وإن أنكر عرفه الطالب أن حقه عليه قد ثبت عند القاضي فلان وهذا كتابه إليك بثبوته عنده ، وكان الطالب هو المباشر لتسليم الكتاب من يده إلى القاضي ويذكر له حضور شهوده .
فإذا وقف القاضي على عنوانه وختمه ، سأل الشاهدين عنه قبل فضه سؤال استخبار لا سؤال شهادة .
فإذا أخبراه أنه كتاب القاضي إليه فضه وقرأه .
والأولى أن يفضه ويقرأه بمحضر من الخصم المطلوب فإن قرأه بغير محضر منه جاز .
ومنع أبو حنيفة من جواز فضه وقراءته قبل حضور الخصم المطلوب .
وهذا عندنا عدول عن الأولى ، وليس بعدول عن الواجب ، لأنه لا يتعلق بالقراءة حكم ولا إلزام .
ويبنيه أبو حنيفة على أصله في المنع من القضاء على الغائب .
فإذا قرأه القاضي سأل الشاهدين عما فيه سؤال استشهاد لا سؤال استخبار ، لأن بهذه الشهادة يجب الحكم بما في الكتاب .
ولا يجوز أن يكون هذا إلا عند حضور الخصم المطلوب لأنها شهادة عليه بحق وجب عليه .
وهذا بخلاف الأول لأن الأول استخبار كانا فيه مخيرين ، والثاني استشهاد كانا فيه شاهدين . ويجوز أن يكون الخصم غائبا عند الاستخبار ويجب أن يكون حاضرا عند الاستشهاد .
فلو اقتصر القاضي على الاستشهاد دون الاستخبار جاز ، ولو اقتصر على الاستخبار دون الاستشهاد لم يجز لاختصاص الحكم بالشهادة دون الخبر .
والأولى بالقاضي أن يجمع بينهما ، على ما وصفنا ليكون الاستخبار لاستباحة قراءته والاستشهاد لوجوب الحكم به .