الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص227
فيه شهادتهما ، ليتذكرا به صحة الكتاب ومعرفته ، فإن غاب الكتاب عنهما قبل إثبات خطهما فيه ، أو ارتابا به بعد الخط لم يصح التحمل ، إلا أن يعيد القاضي قراءته عليهما ويقول لهما : هذا هو كتابي الذي أشهدتكما علي بما فيه إلى القاضي فلان ؛ لأنه قد يحتمل أن يبدل في الغيبة بغيره .
وأما شروط أدائه إلى القاضي المكتوب إليه فثلاثة :
أحدها : أن يستديم الثقة بصحة الكتاب ، وقد يكون ذلك من أحد وجهين .
إما أن لا يخرج الكتاب عن أيديهما وأما أن يكونا قد أثبتا فيه خطوطهما ، حتى يحققا علامتهما فيه ، فإن تشككا فيه لم يصح أداؤهما .
والشرط الثاني : أن يصل إلى القاضي بمشهدهما ، أما من أيديهما ، أو من يد الطالب بحضرتهما فإن لم يشاهدا وصوله لم يصح الأداء .
والشرط الثالث : أن يشهدا عند القاضي بما فيه بلفظ الشهادة دون الخبر فإن قالاه بلفظ الخبر دون الشهادة أو شهدا بالكتاب ولم يشهدا بما فيه لم يصح الأداء للحكم .
وأما الفصل الرابع : وهو فيما يمضيه القاضي المكتوب إليه من حكمه ، فكتابه على ضربين :
أحدهما : أن يكون مقصورا على نقل ما ثبت عنده من إقرار وشهادة ، فيثبت بالكتاب عند الثاني ما ثبت عند الأول من إقرار أو شهادة ، ويتولى الثاني إنفاذ الحكم فيه برأيه واجتهاده ، فإن اختلف اجتهادهما فيه ، كان محمولا على اجتهاد الثاني ، دون الأول ، لاختصاص الثاني بتنفيذ الحكم فيه .
والضرب الثاني : أن يكون الكتاب مشتملا على ذكر الشهادة وإمضاء الحكم بها ، فلا يخلو حال حكمه عنده من ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يكون عنده جائزا ، لا يخالفه فيه ، فعليه أن يمضيه لطالبه ويأخذ المطلوب بأدائه .
والضرب الثاني : أن يكون عنده باطلا لا مساغ له في الاجتهاد ، فعليه أن ينقضه .
فإن اقترن به حق الله تعالى ، كالنكاح ، والطلاق ، نقضه وإن لم يطالب بنقضه ، وإن تفرد بحقوق الآدميين ، لم يكن له نقضه إلا أن يطالبه المحكوم عليه بنقضه .
والضرب الثالث : أن يكون حكمه محتملا للاجتهاد ، لتردده بين أصلين أداه اجتهاده فيه إلى غير ما حكم به الكاتب ، فليس له أن يمضيه ، لاعتقاده أنه باطل وليس له أن ينقضه ، لاحتماله في الاجتهاد ، وليس له أن يأخذ المطلوب بأدائه ؛ لأنه غير