الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص226
وإن كان من أهل عمله جاز أن يكتب إليه .
ولزمه إذا وصل الكتاب إليه أن يقبله لأنه ملتزم لطاعته ، فإن خرج إلى الطالب من حقه ، وإلا لزمه المصير مع الطالب إلى القاضي إذا دعاه إليه إن كان على مسافة أقل من يوم وليلة ، وإن كان على أكثر منها لم يلزمه الحضور إلا بالاستحضار ، فهذه أقسام الفصل الثاني من الفصول الأربعة .
وإذا كان كذلك ، فلتحملهما الكتاب شروط ، ولأدائهما للكتاب شروط :
فأما شروط تحمله فثلاثة :
أحدها : أن يعلما ما فيه وعلمهما به يكون من أحد ثلاثة أوجه .
إما أن يقرأه القاضي عليهما ، وإما أن يأمر من يقرأ بحضرته عليهما ، وإما أن يقرأه الشاهدان عليه .
فإن لم يعلما ما فيه ودفعه القاضي إليهما مختوما ليشهدا به ، لم يجز عند الشافعي وأبي حنيفة . وجوزه أبو يوسف وهذا فاسد ؛ لإمكان التزوير على الختم ، كإمكانه على الخط ، ولأنه تحمل شهادة ، فلم يجز إلا بمعلوم .
فإن أراد الشاهدان في الكتاب المختوم أن يشهدا بالكتاب ، ولا يشهدا بما فيه ، ففي جوازه لأصحابنا وجهان :
أحدهما : يجوز لأنها شهادة بكتاب معين .
والوجه الثاني : لا يجوز ، لأن الشهادة به لا تفيد ، لأن المقصود بها ما فيه .
ولا يجوز للمكاتب قبوله للحكم بما فيه إلا بشهادة غيرهما .
والشرط الثاني : أن يقول القاضي لهما : هذا كتابي إلى القاضي فلان فاشهدا علي بما فيه فإن لم يقل لهما هذا كتابي إلى فلان واقتصر بهما على عنوانه لم يجز .
وإن قال لهما : هذا كتابي إلى فلان ولم يسترعهما الشهادة ولا قال اشهدا علي بما فيه ، ففي صحة التحمل والأداء بهذا القول وحده وجهان ، بناء على اختلاف أصحابنا في جواز الشهادة على المقر بالسماع من غير استدعاء المقر للشهود ، فإن قيل لا تجوز الشهادة بالسمع إلا بعد استدعائهما ، لم يصح هذا التحمل ، ولم يجز معه الأداء وإن قيل بجوازه ، جوز هذا في التحمل والأداء .
والشرط الثالث : أن لا يغيب الكتاب عنهما بعد تحمل ما فيه إلا أن يكونا قد كتبا