الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص225
فلو كان لبلد هذا المطلوب أمير وقاض ، كانت مكاتبة القاضي بذلك أولى ، لأن القاضي بإلزام الحقوق أخص .
والثالث : أن يكتب إليه بإحضار المطلوب إليه فهذا معتبر بولاية القاضي .
فإن كان بلد الأمير داخلا في ولايته ، جاز أن يكتب إليه بإحضار المطلوب .
ولزم الأمير إنفاذه إليه .
وإن كان خارجا من ولايته ، لم يجز للقاضي أن يكتب إلى الأمير بإحضاره .
ولم يجز للأمير أن ينفذه إليه .
وإذا كان كذلك فللقاضي في مكاتبتهم ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكاتبهم بتنفيذ الحكم ، فهذا منه استخلاف لهم على الحكم ، وهو استئناف ولاية ، لا يصح إلا بثلاثة شروط :
أحدها : أن يكونوا من أهل عمله فإن كانوا من غيره لم يجز .
والثاني : أن يكونوا من أهل الاجتهاد فإن لم يكونوا منهم لم يجز .
والثالث : أن يذكر لفظ التقليد فإن لم يذكره لم يجز ويصير هذا تقليدا خاصا في هذا الحكم دون غيره على اجتماع فيه ، ولا ينفرد به أحدهم .
والحال الثانية : أن يكاتبهم باستيفاء الحق : فجواز ذلك معتبر بشرطين :
أحدهما : أن يكونوا من عمله فإن كانوا من غيره لم يجز .
والثاني : أن يكون المطلوب في عمله ، فإن كان في غيره لم يجز .
والحال الثالثة : أن يكاتبهم إشهادا لهم على حكمه ، ليكونوا وثيقة للطالب يتحملون عنه إنفاذ حكمه له ، فجرى هذا مجرى الشهادة على الشهادة ، فيصح أن يكاتبهم به ، وإن كانوا من غير أهل عمله ويصح أن يتحملوه عنه إذا أشهدهم شهود المتحملين للكتاب ، ويصح أن يؤدوا ذلك إذا تعذر ثبوته بمن تحملوا ذلك عنه وهو القاضي أو شهود الكتاب كما نقوله في الشهادة على الشهادة .
فإن كان من غير أهل عمله لم يجز أن يكتب إليه ولا يجب إذا كتب إليه أن يلتزم كتابه ، ولا يقبله ؛ لأنه في طاعة غيره من القضاة .