الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص197
وإن كان غير مشهور في الناس ، وجاز أن يشتبه الاسم والنسب أخذ الحاكم الشهود بتعيينه ، عند حضوره ، بالإشارة إليه ، إن هذا هو الذي شهدنا عندك بتعديله ، ليزول الاشتباه ، في اسمه ، ونسبه ، فقد يجوز أن يوافق اسم اسما ، ونسب نسبا .
وهذا التعيين محمول على الوجوب ، لما ذكرنا .
وحمله ابن أبي هريرة على الاستحباب ، تأكيدا ، اعتبارا بالظاهر .
وحمله على الاستحباب في المشهور ، وعلى الوجوب في المجهول أصح .
فإذا ثبت ما وصفنا وحكم بالشهادة في التعديل على ما شرحنا وجب على الحاكم تنفيذ الحكم بشهادته ، ثم فيه وجهان :
أحدهما : أن الحكم بعدالته قد استقر على التأييد ما لم يطرأ جرح يظهر من بعد ، فيحكم بشهادته متى شهد عنده ، استصحابا بالظاهر من حاله .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه يعيد البحث عن عدالته في كل مدة يجوز أن يتغير حاله فيها ، ولا يلزمه البحث في كل شهادة ، لأنه شاق ، وخارج عن العرف .
والمدة التي يعتد بمضيها البحث عن عدالته موقوفة على اجتهاده .
وقدرها بعض الفقهاء بستة أشهر .
فإذا أعاد البحث عنه مرارا ، استقرت في النفوس عدالته ، وتحققت أمانته ، فإن تجددت منه استرابة أعاد البحث والكشف وإن لم تحدث استرابة لم يعدها .
فأما تمييز الشهود وتعيينهم من جميع الناس حتى يعتمد الحاكم عليهم ولا يسمع شهادة غيرهم كالذي عليه الناس في زماننا فهو مستحدث ، أول من فعله إسماعيل بن إسحاق القاضي ، وكان مالكيا ميز شهوده واقتصر على الحكم بشهادتهم ولم يقبل شهادة غيرهم ، وتلاه من تعقبه من القضاة إلى وقتنا ليكون الشهود أعيانا معدودين حتى لا يستشهد الخصوم بمجهول العدالة فيغرروا ولا يطمع في الشهادة غير مستحق لها فيسترسلوا .
وهذا مكروه من أفعال القضاة ؛ لأنه مستحدث ، خولف فيه الصدر الأول .
وليس يكره أن يكون له شهود يقبلهم ، وإنما المكروه أن لا يقبل غيرهم ، اقتصارا عليهم ؛ لأن في الناس من العدول أمثالهم ، فلم يجز أن يقتصر على بعض