پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص196

قال الماوردي : اعلم أن الشهادة بالتعديل تخالف الشهادة بالجرح ، من وجهين متفق عليهما ، وثالث مختلف فيه .

فأما الفرق بينهما من الوجهين المتفق عليهما فأحدهما : أن الشهادة بالتعديل لا تقبل إلا ممن كان قديم المعرفة ، وتقبل في الجرح ممن كان حديث المعرفة ، لأنه قد يتصنع العدالة في قريب الزمان ، فلم تقبل إلا من قديم المعرفة ، ويحدث الجرح في قريب الزمان ، فقبل من حديث المعرفة .

والفرق الثاني : أنه لا يقبل التعديل إلا من أهل المعرفة الباطنة ، ولا يقبل من أهل المعرفة الظاهرة ، لأنه قد يكون عدلا في الظاهر ، مجروحا في الباطن ، والمعتبر عدالة الظاهر والباطن ، ويقبل الجرح من أهل المعرفة الظاهرة ، والباطنة ، لأنه قد يعلم به من عرف ظاهره ، كما يعلم به من عرف باطنه .

وأما الفرق الثالث المختلف فيه ، أنه لا يحكم بالجرح إلا بعد ذكر سببه ، فهل يكون ذكر السبب في التعديل شرطا في الشهادة به ؟ على ما ذكرنا من الوجهين .

فإن قيل : إنه شرط جاز أن يكون الشاهد بالتعديل من غير أهل الاجتهاد .

وإن قيل : ليس بشرط وجب أن يكون الشاهد بالتعديل من أهل الاجتهاد .

( تعديل العلانية )
( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ويسأل عمن جهل عدله سرا فإذا عدل سأل عن تعديله علانية ليعلم أن المعدل سرا هو هذا لا يوافق اسم اسما ولا نسب ‘ .

قال الماوردي : أما إذا ابتدأ أصحاب المسائل بالشهادة فيمن بحثوا عنه ، وليس عند الحاكم علم بما يشهدون به ، من جرح ولا تعديل ، فينبغي للحاكم أن لا يبعثهم على الجهر بالشهادة ، حذرا أن يشهدوا بالجرح المأمور بستره .

وإن علم أنهم يشهدون بالعدالة ، جاز أن يدعوهم إلى الشهادة سرا وجهرا .

فإن شهدوا بالجرح ، حكم به ، ولم يعلنه .

وإن شهدوا بالتعديل ، أعلنه لأمرين :

أحدهما : ليرغب الناس في حسن الذكر ، وجميل الثناء .

والثاني : أنه ربما كان عند بعض الناس من جرحه ما يخفي على غيره .

ثم ينظر في المعدل ؛ فإن كان مشهورا في الناس ، بما يتميز به عن غيره ، في الاسم ، والنسب ، اقتصر الحاكم على الشهادة بتعديله ، ولم يحتج إلى إشارة الشهود إليه .