الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص195
فعلى هذا التعليل لا يلزم ذلك إذا علم أنه لا نسب بينهما ولا عداوة .
وعلى تعليل أبي إسحاق يلزم ذلك ، وإن علم أنه لا نسب بينهما ولا عداوة .
فأما الشهادة بأنه عدل رضا فهو وإن جرت العادة بالجمع بينهما في التعديل ، فعند جمهور أصحابنا أن قوله رضا محمول على التأكيد دون الوجوب ، لأن العدل رضا .
وذهب بعض البصريين من أصحابنا إلى أن شهادته بأنه رضا شرط في صحة التعديل ، لأن التعديل سلامة ، والرضا كمال .
واستزاد بعض القضاة منهم في التعديل أن يذكر الشهود : ‘ أنه مأمون في الرضا والغضب ‘ .
وهذا تأكيد ، وليس بشرط في التعديل ؛ لأنه من أحكام العدالة أن يكون مأمونا في الرضا والغضب ، فلم يلزم في الشهادة أن نذكر أحكامها ، كما لا يلزم أن يذكر فيها صدقة ، وأمانته ، وتقواه ، وتحرجه .
فهذا شرح المذهب على قول من ذهب إلى أن سؤال الشاهد عن أسباب العدالة استظهار وليس بواجب .
وذهب آخرون إلى أن سؤاله عن أسبابها واجب ، لما قدمناه من التعليل ، من جواز الاحتمال في التعديل ، كجواز الاحتمال في التفسيق .
فعلى هذا يكون الشاهد مؤديا لأسباب التعديل ، والقاضي هو الحاكم بالعدالة وتكون استزادته من الشهود ، أن يشهدوا أنه عدل علي ولي استخبارا عن حكم العدالة ، وليس بشرط في قبول الشهادة على سببها .
وهل يكون هذا الاستخبار لازما في حق الحاكم وإن لم يكن لازما في حق الشاهد على وجهين :
أحدهما : يكون لازما في حقه [ ليكون حكمه ] ، بالتعديل على أحوط الأمور .
والوجه الثاني : أنه ليس بلازم في حقه ، كما ليس بلازم في حق الشاهد ؛ لأن الشهادة بأسباب التعديل تغني عما سواه ، والله أعلم .