الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص194
عنده ، حكم بفسقه ورد شهادته ، وإن لم يكن بها مجروحا عنده ، لم يحكم بفسقه ، ولا بعدالته ، وتوقف عن الحكم بشهادته .
وإن شهدوا بأسباب العدالة اجتهد رأيه فيها فإن صار بها عدلا عنده حكم بعدالته وأمضى الحكم بشهادته وإن لم يصر بها عدلا عنده لم يحكم بعدالته ولا بفسقه وتوقف عن الحكم بشهادته .
قال الماوردي : واختلف أصحابنا فيما ذكره الشافعي من هذا القول .
فقال بعضهم : هذا يدل على أن الحاكم لا يسأل عن أسباب التعديل ، ويسألهم عن أسباب الجرح ؛ لأن الشهادة بالتعديل أن يجدوه سليما من الهفوات ، وهذا لا يحتاج فيه إلى شرح السبب ، والجرح بحدوث أفعاله الموجبة لفسقه ، فوجب شرحها .
فعلى قول هذه الطائفة يكون السؤال عن سبب العدالة استظهارا وليس بشرط واجب . وهو الذي عليه القضاء في زماننا .
وعلى هذا قول الشافعي : ولا يقبل التعديل إلا بأن يقول : ‘ عدل علي ولي ‘ .
فاختلف أصحابنا في قوله ؛ عدل علي ولي هل يكون مستعملا على الوجوب شرطا فيها ؟ أو على الاستحباب تأكيدا لها ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي سعد الإصطخري أنه محمول على الاستحباب تأكيدا ، لأن الشهادة بالتعديل تقتضي الحكم بها له وعليه .
وهذا مذهب أبي حنيفة ، وأهل العراق .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي وطائفة ، أنه محمول على الوجوب شرطا معتبرا في صحة التعديل ، فإن لم يذكره الشاهد لم يثبت التعديل على ظاهر ما قاله الشافعي .
واختلف من قال بهذا في العلة .
فقال أبو إسحاق : العلة فيه أنه قد يكون عدلا في شيء دون شيء ، وفي القليل دون الكثير ، فإذا قال ذلك عم ولم يخص .
وقال غيره : بل العلة فيه أنه قد يكون الشاهد بالتعديل ممن لا تقبل شهادته له ، لأنه من والديه أو مولوديه أو لا تقبل شهادته عليه ، لأنه من أعدائه ومباينيه فإذا قال : عدل علي ولي زال هذا الاحتمال .