الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص192
فإن كان الشاهد بهذا الجرح عند الحاكم هم الجيران وأهل الخبرة كانت هذه الشروط معتبرة في شهادتهم .
وإن كان الشاهد بها أصحاب مسائله تحملوها عن علمها من هذه الوجوه الثلاثة ، وجاز لهم أن يشهدوا بها عنهم ، لأن أصحاب مسائله قد ندبوا للبحث عنها ، ولو تحملوها من هذه الوجوه لقدموا الشهادة بها ولما احتاجوا إلى المسألة عنها .
ولا يصير أصحاب المسائل إذا شهدوا بها قذفة ، وإن لم تكمل شهادتهم .
ويصير الجيران بها قذفة . إن لم تكمل شهادتهم ، لأن أصحاب المسائل ندبوا للإخبار بما سمعوه ، ولم يندب الجيران إليه وسواء ذكر أصحاب المسائل هذا الجرح بلفظ الشهادة أو بلفظ الخبر ، لكن الحاكم يحكم به إن كان بلفظ الشهادة ، ولا يحكم به إن كان بلفظ الخبر .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، لا يجوز للحاكم أن يقبل شهادة الشهود بالجرح والتعديل حتى يذكروا له أسباب الجرح والتعديل .
وقال أبو حنيفة : يجوز أن يحكم بشهادتهم ، إذا شهدوا عنده أنه عدل ، أو فاسق ، ولا يسألهم عن سبب ما صار به عندهم عدلا ، أو فاسقا .
استدلالا بأن النبي ( ص ) قال : ‘ من ستر على مسلم ستر الله عليه يوم القيامة ‘ .
ولأنهم إذا شهدوا عليه بالزنا صاروا قذفة يحدون ، فكانت الشهادة بفسقه أسلم وأستر ، ولأنه لما لم يجز للحاكم أن يسألهم عن سبب علمهم به ، لم يجز أن يسألهم عن سبب فسقه .
ودليلنا قول النبي ( ص ) : ‘ اذكروا الفاسق بما فيه يحذره الناس ‘ .
ولأن الجرح والتعديل إلى الحكام دون الشهود ، فاعتبر فيه اجتهاد الحاكم ، ولم يعمل فيه على رأي الشهود ؛ ولأن الناس مختلفون في الجرح والتعديل ، فشارب النبيذ