پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص184

فإن اختلفوا عليه في الشهادة عند تفرقهم ردهم ولم يحكم بشهادتهم ولم يحتج إلى إثبات أسمائهم والبحث عن عدالتهم .

( وعظ الشهود )

.

وإن اتفقوا ولم يختلفوا وعظهم بما يخافون به فضيحة الدنيا وعذاب الآخرة .

روى أبو حنيفة قال كنت عند محارب بن دثار وهو قاضي الكوفة فجاءه رجل ادعى على رجل حقا فأنكر ، فأحضر المدعي شاهدين فشهدا له بما ادعاه فقال المشهود عليه : والذي به تقوم السماوات والأرض ما كذبت في الإنكار ولقد كذبا علي في الشهادة ولو سألت عنهما لم يختلف فيهما اثنان ، وكان محارب بن دثار متكئا فاستوى جالسا وقال قد سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله ( ص ) يقول أن الطير لتخفق بأجنحتها وترمي بما في حواصلها من هول يوم القيامة وإن شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار فإن صدقتما فأثبتا وإن كذبتما فغطيا رؤوسكما وانصرفا فغطيا رؤوسهما وانصرفا .

وروي أن رجلين شهدا عند علي بن أبي طالب بالسرقة على رجل فقال المشهود عليه والله ما سرقت ، ووالله ما سرقت ، ووالله لقد كذبا علي ، فوعظهما علي واجتمع الناس فذهبا في الزحام فقال علي : لو صدقا لثبتا ولم يقطع الرجل .

ولأن الحسد والتنافس قد يبعث من قلت أمانته على الشهادة بالكذب : أما اعتمادا لإضرار ، أو ارتشاء على شهادة الزور ، فلزم الحاكم التحفظ فيها فيمن جهل حاله اختبره بما أمكن من الاختبار والوعظ .

فإن رجع بعد وعظه ستر عليه ولم يفضحه إلا أن يتحقق منه أنه شهد بزور فيكشف حاله ليتحرز منه الحكام .

فإن أقام بعد الوعظ على شهادته أثبت اسمه حينئذ للبحث عن عدالته والله أعلم .

( صفات أصحاب المسائل أو المزكين )
( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ وأحب أن يكون أصحاب مسائله جامعين للعفاف في الطعمة والأنفس وافري العقول براء من الشحناء بينهم وبين الناس أو الحيف عليهم أو الحيف على أحد بأن يكونوا من أهل الأهواء والعصبية أو المماطلة للناس وأن يكونوا جامعين للأمانة في أديانهم لا يتغفلون بأن يسألوا الرجل عن عدوه فيخفي حسنا ويقول قبيحا فيكون جرحا ويسألوه عن صديقه فيخفي قبيحا ويقول حسنا فيكون تعديلا ‘ .