الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص181
أحدهما : أنهم شهدوا فيما أجمعوا عليه لقوله عليه السلام ‘ لا تجتمع أمتي على ضلالة ‘ .
والثاني : أن المراد بها شهادتهم في الآخرة عند الله تعالى بأن الرسل قد بلغوا رسالة ربهم [ ألا ترى كيف ] قال : ( ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [ البقرة : 143 ] أن ما شهدتهم به حق .
وأما الجواب عن قوله : ‘ المسلمون عدول ‘ فهو أن ما أوجبه الإسلام من عمل الطاعات واجتناب المعاصي موجب لعدالتهم ، وكذلك نقول فيهم إذا علمنا ذلك منهم ، والبحث إنما يتوجه إلى العلم بهذا .
وكذا الجواب عن حديث الأعرابي .
وأما الجواب عن استدلالهم بأن الفسق طارئ فهو أن العدالة بفعل الطاعات ، والفسق بفعل المعاصي ، وكل واحد من الفعلين طارئ ، فلم يكن الأخذ بأحدهما أولى من الآخر .
وأما الجواب عن قولهم : لما اعتبر ظاهر إسلامه اعتبر ظاهر عدالته فهو أن الإسلام اعتقاد يخفى فعمل فيه على الظاهر ، والعدالة والفسق بأفعال تظهر فأوجبت البحث .
وأما الجواب عن عدالة الرواة : فقد اختلف أصحابنا فيها على وجهين :
أحدهما : أنه تعتبر فيهم عدالة الظاهر والباطن كالشهادة ولا تقبل روايتهم إلا بعد البحث عن عدالتهم فعلى هذا الوجه يسقط الاستدلال وهو أصح الوجهين .
والوجه الثاني : أنه يعتبر فيهم عدالة الظاهر ويعتبر في الشهود عدالة الظاهر والباطن .
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن أخبار الديانات يستوي فيه المخبر وغير المخبر ، فكانت التهمة منتفية والاعتبار أخف ، والشهادة يختلف فيها الشاهد والمشهود عليه ، فكانت التهمة متوجهة والاعتبار أغلظ .
والثاني : أنه [ قد يقبل في الرواية من النساء والعبيد من لم يقبل في الشهادة ويقبل خبر الراوي مع وجود المروي عنه ، وتقبل منها رواية الواحد عن الواحد وهي التي تسمى العنعنة ، لقوله حدثني فلان عن فلان . ومثل هذا كله لا يجوز في الشهادة ] كذلك حال العدالة .