الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص178
يذكر الحاكم ذلك للخصم العربي ويسمع جوابه عنه .
وإن كانا أعجميين فهل للمترجمين عن أحدهما أن يترجما عن الآخر أم لا ؟ على وجهين من اختلاف الوجهين في الشاهدين إذا تحملا عن أحد شاهدي الأصل هل يتحملان عن الشاهد الآخر أم لا ؟ .
فإن قيل : بجوازه في التحمل ، قبل بجوازه في الترجمة ، وإن منع منه في التحمل منع منه في الترجمة .
فأما ترجمة ما قاله الحاكم للخصم الأعجمي فهي خبر محض وليس بشهادة ؛ لأن الشهادة لا تكون إلا عند الحكام الملزمين . فيجوز فيها ترجمة الواحد وإن كان عبدا .
ويجوز أن يكون المترجم لأحد الخصمين هو المترجم للخصم الآخر وجها واحدا لوقوع الفرق بين الترجمة عند الحاكم وغير الحاكم بالوجوب والإلزام .
قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو حال الشهود إذا شهدوا عند القاضي من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعلم عدالتهم في الظاهر والباطن فيجوز أن يحكم بشهادتهم ويعمل على علمه في عدالتهم .
والحال الثانية : أن يعلم فسقهم في الظاهر والباطن أو في الباطن دون الظاهر ، فلا يجوز أن يحكم بشهادتهم ، ويعمل على علمه في فسقهم ، فيحكم بعلمه في الجرح والتعديل . وهذا مما لم يختلف فيه مذهب الشافعي ، وإن كان له في الحكم بعلمه فيما عداه قولان .
والحال الثالثة : أن لا يعرفوا بعدالة ولا فسق : فلا يخلو أن يعلم إسلامهم ، أو لا يعلمه .
فإن لم يعلم إسلامهم لم يجز أن يحكم بشهادتهم ، حتى يسأل عنهم وهذا متفق عليه . ولا يجوز أن يجري عليهم حكم الإسلام بظاهر الدار في سماع شهادتهم وإن أجرينا على اللقيط حكم الإسلام بظاهر الدار لما يتعلق بالشهادة من إلزام الحقوق التي لا تتعلق باللقيط .