الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص173
الماضي بين ولد الأم وبين ولد الأب والأم فكيف تشرك الآن ؟ قال تلك على ما قضينا وهذه على ما قضينا .
وحكم أبو بكر بالتسوية بين المهاجرين والأنصار في العطاء ولم يفضل بالسابقة وقال : ‘ إنما عملوا لله وإنما أجورهم على الله وإنما الدنيا بلاغ ‘ ولم يفرض للعبيد مع ساداتهم .
وفضل عمر بين المهاجرين والأنصار بالسابقة وفرض للعبيد .
وسوى علي بين المهاجرين والأنصار كفعل أبي بكر وفرض للعبيد كفعل عمر .
ولم ينقض بعضهم حكم بعض لنفوذه باجتهاد سائغ .
فإن قيل : فقد نقض على حكم شريح في ابني عم أحدهما أخ لأم حين حكم بالميراث لابن العم الذي هو أخ لأم وأجراهما مجرى أخوين أحدهما لأب والآخر لأب وأم .
فعنه جوابان :
أحدهما : أنه رده عنه قبل نفوذ حكمه به .
والثاني : نقضه عليه بعد نفوذه ، لأنه خالف فيه ظاهر النص في قوله تعالى : ( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ) [ النساء : 12 ] .
وإذا ثبت ما ذكرنا ولم يجز له نقض ما ثبت باجتهاد مسوغ لم يجز أن يحكم في المستقبل إلا باجتهاد ثان دون الأول .
ولو بان له فساد الاجتهاد الأول قبل تنفيذ الحكم به حكم بالاجتهاد الثاني دون الأول .
ومثال ذلك ما يقوله في المجتهد في القبلة إن بان له بالاجتهاد خطأ ما تقدم من اجتهاده قبل صلاته عمل على اجتهاده الثاني دون الأول ، وإن بان له بعد صلاته لم يعد ما صلى واستقبل الصلاة الثانية بالاجتهاد الثاني .
وقال أبو حنيفة ومالك : إن خالف معنى نص الكتاب أو السنة أو قياس جلي أو خفي لم ينقض حكمه وإن خالف إجماعا نقض حكمه . وهذا قول مستبعد ، لكنه محكي عنهما ، ثم ناقضا في هذا القول .