پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص168

أحدها : أنه خالف بذلك أصول مذهبه في الاجتهاد ، لأن العمل بالقولين يمنع من وجوب طلب العين ، ويجعل الحق في جميع الأقاويل ، ويجعل كل مجتهد مصيبا ، فنقض بفروع الاجتهاد أصول مذهبه في الاجتهاد ، وكفى بهذا التناقض فسادا لقوله ووهنا لمذهبه .

والوجه الثاني : أنه ابتدع بذلك طريقة خرق بها إجماع من تقدمه وأنه لم يتقدم من عصر الصحابة ومن بعدهم إلى زمانه من أجاب في حكم بقولين مختلفين في حال واحد ، وكانوا من بين من استقر له جواب ذكره أو خفي عليه فأمسك عنه ، ولم يجب أحد منهم في حكم بقولين ، لأن الجواب ما أبان وليس في القولين بيان ، وخرق الإجماع بالقولين كخرقه بغير القولين .

والوجه الثالث : أن التناقض في أحكام الشرع ممتنع ، والحلال ليس بحرام ، والحرام ليس بحلال ، والإثبات ليس بنفي ، والنفي ليس بإثبات ، وهو بالقولين قد حلل الشيء في أحدهما وحرمه في الآخر ، وأثبته بأحدهما ونفاه الآخر ، وما أضاف إلى الشرع ممتنعا فيه وجب أن يكون مدفوعا به .

والوجه الرابع : أنه لا يخلو إرسال القولين في أحد أمرين : إما أن يكون لضعف اجتهاده ، أو لرأيه في تكافئ الأدلة ، وضعف الاجتهاد نقص يقتضي أن يكون فيه تابعا غير متبوع ، وتكافئ الأدلة وإن قال به قوم فقد خالفهم فيه الأكثرون ، ولا يجوز مع تكافئها أن يكون له حكم فيها ولا مذهب يعتقده فيها .

فأبطلوا عليه القول بالقولين من هذه الوجوه الأربعة ، وإن كان ما اعترضوا به كثيرا .

فنحن نذكر قبل الانفصال عنها أقسام القولين فإذا توجه الاعتراض بها على أحد الأقسام لزم الانفصال عنه وإن لم يتوجه سقط .

( فصل : [ أنواع قولي الشافعي ] )

وذكره الشافعي من القولين ينقسم إلى عشرة أقسام :

أحدها : أن يقيد جوابه في موضع ويطلقه في آخر مثل قوله في أقل الحيض ‘ أنه يوم وليلة ‘ وقال في موضع : ‘ أقله يوم ‘ يريد به مع ليلته ، وهذا معهود في كلام العرب ، وجاء القرآن بحمل المطلق على ما قيد من جنسه ، كقوله تعالى : ( واستشهدوا شهيدين من رجالكم ) [ البقرة : 282 ] . حمل إطلاقه في العدالة على ما قيد بها في قوله : ( واشهدوا ذوي عدل منكم ) [ الطلاق : 2 ] . ومثل هذا لا اعتراض على الشافعي فيه . وإن وهم بعض أصحابه فخرجه قولا ثانيا ، فلم يعد وهمه على الشافعي .

والقسم الثاني : ما اختلفت فيه ألفاظه ، ومعانيها متفقة ، مثل قوله في