پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص167

فإن قيل : فقد جعل الأول لا يجوز خلافه ، وقياس المعنى يجوز خلافه إذا كان خفيا ، ولا يجوز خلافه إذا كان جليا ، فعنه جوابان :

أحدهما : أنه أراد الجلي دون الخفي .

والجواب الثاني : أنه أرادهما معا فالجلي لا يجوز خلاف حكمه والخفي لا يجوز ترك قياسه .

والوجه الثاني : في تأويل كلامه أنه أراد بالقياس الأول ما لا يجوز خلافه وهو القياس الجلي من قياسي المعنى وقياس التحقيق من قياسي الشبه ، لأن خلافهما لا يجوز ، وأراد بالقياس الثاني : ما يجوز فيه الاختلاف ، وهو القياس الخفي من قياسي المعنى وقياس التقريب من قياسي الشيء ، فيكون تأويله على الوجه الأول محمولا على معنى لفظه وتأويله على الوجه الثاني محمولا على معنى حكمه .

( [ حكم الاجتهاد عند الشافعي وتخطئته للمجتهدين ] )
( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ قال الله عز وجل في داود وسليمان ( ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما ) [ الأنبياء : 79 ] قال الحسن لولا هذه الآية لرأيت أن الحكام قد هلكوا ولكن الله حمد هذا لصوابه وأثنى على هذا باجتهاده ‘ .

قال الماوردي : قد ذكرنا من أحكام الاجتهاد ما أغنى ، ومراد الشافعي بما أشار إليه من هذا ما قدمناه من بيان مذهبه في الاجتهاد في ثلاثة أحكام :

أحدها : أن عليه بالاجتهاد أن يتوصل إلى طلب العين ، وإصابة الحكم في الحادثة . وخالفه غيره فأوجب عليه الاجتهاد ليعمل بما أداه إليه .

والثاني : أن الحق في أحد أقاويل المجتهدين ، لا في جميعها وخالفه غيره فجعل الحق في جميعها .

والثالث : أن المصيب من المجتهدين واحد ، وإن لم يتعين ، وأن كلهم مخطئ عند الله ، وفي الحكم ، إلا ذلك الواحد ، فإنه يكون مصيبا عند الله ، وفي الحكم وخالفه غيره فجعل كل مجتهد مصيبا عند الله وفي الحكم .

( [ الاعتراض على الشافعي بأن له في المسألة الواحدة قولين ] )

فإذا استقرت هذه الأحكام الثلاثة من مذهبه في الاجتهاد اعترض بها عليه من خالفه في إنكار القولين ، فقالوا : كيف استجاز أن يحكم في حادثة بقولين مختلفين وثلاثة أقاويل وأكثر وهو يرى أن عليه طلب العين وأن الحق في واحد وإن كل مجتهد مخطئ إلا واحدا .

فكان حكمه بالقولين خطأ من أربعة أوجه :