الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص163
فأما الجواب عن حديث عبد الرحمن : فهو أنه محمول على السيرة والسياسة دون الأحكام والله أعلم .
قال الماوردي : أما الاستحسان فيما أوجبته أدلة الأصول واقترن به استحسان العقول فهو حجة متفق عليها يلزم العمل بها .
فأما استحسان العقول إذا لم يوافق أدلة الأصول فليس بحجة في أحكام الشرع .
والعمل بدلائل الأصول الشرعية أوجب وهي أحسن في العقول من الانفراد عنها .
وقال أبو حنيفة : الاستحسان في الشرع حجة توجب الأحكام الشرعية .
واختلف أصحابه في بيان مذهبه فيه :
فقال بعضهم : هو العمل بأقوى القياسين .
وهذا مما نوافقه عليه ؛ لأنه الأحسن .
وقال بعضهم : هو القول بتخصيص العلة كما خص خروج الجص والنورة من علة الربا وإن كان مكيلا .
وهذا أصل نخالفه فيه ؛ وللكلام عليه موضع غير هذا .
وقال بعضهم : أن يترك أقوى القياسين بأضعفهما إذا كان حسنا ، كالشهادة على الزنا في الزوايا .
وهذا نخالفه فيه ؛ لأن أقوى القياسين عندنا أحسن من أضعفهما .
وقال بعضهم : هو ما غلب في الظن وحسن في العقل من غير دليل ولا أصل وإن دفعه من دلائل الشرع أصل .
هذا هو أفسد الأقاويل كلها .
واستدلوا على العمل بالاستحسان في الجملة بقوله تعالى : ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) [ الزمر : 18 ] .
وبما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ‘ .