الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص161
فإن كان ممن لا يقول بخبر الواحد ، لم يجز تقليده ، لأن أكثر أحكام الشرع مأخوذة من أخبار الآحاد .
وكذلك إن كان ممن لا يقول بحجة الإجماع ، ويجوز مخالفة الإجماع لم يجز تقليده ؛ لأن الإجماع أصل متبع .
وإن كان من نفاة القياس فهم ضربان :
أحدهما : من نفى القياس وعمل بظواهر النصوص وعدل عما لا نص فيه إلى أقاويل سلفهم وجعلوها كالنص في العمل بها . من غير دليل فلا يجوز تقليد هؤلاء لأمرين :
أحدهما : لتقليدهم في الأحكام .
والثاني : لتركهم أصلا من أصول الشرع وهو القياس .
والضرب الثاني : من نفاة القياس : من يعدل عند عدم النصوص إلى فحوى الكلام ودليل الخطاب وسلك طريق الاجتهاد ويعدل عن تعليل النصوص بمعانيها كأهل الظاهر ، ففي جواز تقليدهم القضاء وجهان لأصحابنا :
أحدهما : لا يجوز للمعنى المذكور من ترك أصل مشروع .
والوجه الثاني : يجوز ؛ لأنه يعتبرون واضح المعاني وإن عدلوا عن خفي القياس .
فإذا ثبت ما ذكرنا من هذه الشروط السبعة صح تقليد من وجدت فيه وإن كان من هو أعلم منه موجودا ؛ لأن تقليد المفضول مع وجود الفاضل جائز في القضاء .
وإنما اختلفوا في جوازه في الإمامة ، فجوزه بعضهم ، كالقضاء ومنع منه آخرون لأن الإمامة في واحد والقضاء في عدد .
ولأن الإمام يستدرك خطأ القضاة وليس على الإمام من يستدرك خطأه .
فإذا تقلد القضاة بوجود الشروط السبعة فيه وجب عليه أن يحكم باجتهاد نفسه .
وإن اعتزى إلى مذهب من مذاهب أئمة الوقت كمن أخذ بمذهب الشافعي ، أو بمذهب أبي حنيفة ، لم يجز أن يقلد صاحب مذهبه ، وعمل على اجتهاد نفسه ، وإن خالف مذهب من اعتزى عليه .
فإن كان من أصحاب الشافعي ، وأداه اجتهاده في حالة إلى العمل فيها بقول أبي