الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص159
أحدهما : لا يجوز لأنه لما استوى حكم الكفر بتأويل وغير تأويل ، وجب أن يستوي حكم الفسق بتأويل وغير تأويل .
والوجه الثاني : يجوز تقليده لأنه لما كان تأوله الشبه في الفروع لا يمنع من التقليد كان كذلك في الأصول .
فإن طرأ عليه الفسق بعد صحة تقليده بطلت ولايته بالضرب الأول .
وفي بطلانها بالضرب الثاني وجهان :
أصحهما ها هنا لا تبطل .
وأصحهما هناك لا تنعقد لأنه لا يقلد إلا بتعديل كامل ولا ينعزل إلا بجرح كامل .
أحدهما : علمه بما قدمناه من أصولها التي يستنبط بها أحكامها .
والثاني : معرفته بفروعها فيما انعقد عليه الإجماع ، أو حصل فيه اختلاف ليتبع الإجماع ، ويجتهد في الاختلاف ؛ ليصير بذلك من أهل الاجتهاد في الدين ، فيجوز أن يفتي ويقضي ، ويجوز أن يستفتي ويستقضي .
فإن كان عاميا من غير أهل الاجتهاد لم يجز أن يفتي ولا يقضي ، وكانت ولايته باطلة وحكمه وإن وافق الحق مردودا .
وجوز أصحاب أبي حنيفة تقليد العامي القاضي ليستفتي في أحكامه العلماء .
استدلالا بأنه إذا جاز أن يحكم في الاستفتاء في حق نفسه جاز أن يحكم به في حق غيره لأنهما معا حكم بعلم .
قالوا ولأن من جاز أن يكون شاهدا جاز أن يكون قاضيا كالعالم .
قالوا : ولأنه لما جاز أن يحكم بشهادة الشاهدين مع الجهل بما توصلا به إلى صحة الشهادة ، ويحكم بقيمة المقومين مع الجهل بما توصلا به إلى صحة القيمة ، جاز أن يحكم بفتيا المفتي مع الجهل بما توصل به إلى صحة الحكم .
ودليلنا قول الله تعالى : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) [ الزمر : 9 ] والدليل فيها من وجهين :
أحدهما : أنه منع من المساواة فكان على عمومه في الحكم وغيره .
والثاني : أنه قاله زجرا فصار أمرا .