الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص158
ولأن الفاسق من المسلمين أحسن حالا من الكافر لجريان أحكام الإسلام عليه فلما منع الفسق من ولاية القضاء كان أولى أن يمنع منه الكفر .
ولأن كل من لم تصح ولايته في العموم لم تصح ولايته في الخصوص كالصبي والمجنون طردا وكالمسلم العدل عكسا .
فأما الآية فمحمولة على الموالاة دون الولاية .
وأما ولاياتهم في مناكحهم فلأنهم ما لكون لها فلم يعترض عليهم فيها .
وأما العرف الجاري من الولاة في تقليدهم فهو تقليد زعامة ورياسة وليس بتقليد حكم وقضاء وإنما يلزم حكمه أهل دينه لالتزامهم له لا للزومه لهم .
ولا يقبل الإمام قوله فيما حكم به بينهم .
وإذا امتنعوا من تحاكمهم إليه لم يجبروا عليه وكان حكم الإسلام عليهم أنفذ .
والعدالة : أن يكون صادق اللهجة ظاهر الأمانة عفيفا عن المحارم متوقيا للمآثم بعيدا من الريب مأمونا في الرضا والغضب مستعملا لمروءة مثله في دينه وسنستوفي شروطها في كتاب الشهادات . فإذا تكاملت فيه فهي العدالة التي تصح بها ولايته وتقبل بها شهادته .
فأما الفسق فعلى ضربين :
أحدهما : ما تعلق بأفعال يتبع فيها الشهوة فلا يصح تقليده ولا ينفذ حكمه وإن وافق فيه الحق لفساد ولايته .
وحكي عن الأصم صحة ولايته ، ونفوذ حكمه ، إذا وافق الحق لصحة إمامته في الصلاة ، وجواز إتباعه فيها .
وهذا خطأ لقول الله تعالى : ( إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة ) [ الحجرات : 6 ] فمنع من قبول قوله ، فكان أولى أن يمنع من نفوذ قوله .
ولأن الله تعالى لما جعل العدالة شرطا في الشهادة كان أولى أن تكون شرطا في القضاء ، وجازت إمامته لتعلقها بالاختيار وخروجها عن الالزام .
والضرب الثاني : من الفسق ما اختص باعتقاد يتعلق فيه بشبهة يتأول بها خلاف الحق .
ففي جواز تقليده وجهان :