الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص157
وجوز بعضهم قضاء العبد ، لجواز فتياه ، وروايته ، ولقول عمر بن الخطاب لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لما يخالجني في تقليده شك .
وهذا فاسد لأمرين .
أحدهما : ما قدمناه من أنه لما كان مولى عليه لم يجز أن يكون واليا
والثاني : أنه لما كان مملوكا لم يجز أن يكون مالكا وإن جاز أن يكون مجتهدا وراويا .
فأما أمر سالم فعنه جوابان :
أحدهما : أنه كان مولى عتاقة ولم يكن باقيا في الرق وتقليد المعتق جائز .
والثاني : أن عمر قال ذلك على وجه المبالغة في مدح سالم .
وقد عين الإمامة في أهل الشورى . وبالإجماع لا يجوز أن يكون العبد إماما على الأمة فلم يجز أن يشير بها إليه .
وجوز أبو حنيفة تقليده على أهل دينه ، وأنفذ أحكامه وقبل قوله في الحكم بينهم ، كما جوز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض .
اعتبارا بالعرف الجاري في تقليدهم .
واحتجاجا بقوله تعالى : ( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) [ المائدة : 51 ] .
ولأنه لما جازت ولايتهم في المناكح جازت في الأحكام .
ودليلنا قول الله تعالى : ( حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) [ التوبة : 29 ] ونفوذ الأحكام ينفي الصغار .
وقول النبي ( ص ) : ‘ الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ‘ فمنع هذا الخبر من أن يكون في الإسلام ولاية لغير مسلم .