الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص156
فصارت الأوصاف المعتبرة في كمال نفسه خمسة : البلوغ والعقل والبصر والسمع والنطق فهذا حكم الشرط الأول .
فأما المرأة فلا يجوز تقليدها .
وجوزه ابن جرير الطبري كالرجل .
وقال أبو حنيفة يصح قضاؤها فيما تصح فيه شهادتها وشهادتها عنده تصح فيما سوى الحدود والقصاص .
فأما ابن جرير فإنه علل جواز ولايتها بجواز فتياها .
وأما أبو حنيفة فإنه علل جواز ولايتها بجواز شهادتها .
والدليل على فساد ما ذهبا إليه : قوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ) [ النساء : 23 ] يعني في العقل والرأي فلم يجز أن يقمن على الرجال .
وقول النبي ( ص ) : ‘ ما أفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة ‘ .
وقوله ( ص ) : ‘ أخروهن من حيث أخرهن الله ‘ .
ولأنه لما منعها نقص الأنوثة من إمامة الصلوات مع جواز إمامة الفاسق ، كان المنع من القضاء الذي لا يصح من الفاسق أولى .
ولأن نقص الأنوثة يمنع من انعقاد الولايات كإمامة الأمة .
ولأن من لم ينفذ حكمه في الحدود لم ينفذ حكمه في غير الحدود كالأعمى .
وأما جواز فتياها وشهادتها فلأنه لا ولاية فيهما فلم تمنع منهما الأنوثة وإن منعت من الولايات وكذلك تقليد الخنثى لا يصح ، لجواز أن يكون امرأة فإن زال أشكاله وبان رجلا صح تقليده .
فإن رد إلى المرأة تقليد قاض لم يصح ، لأنه لما لم يصح أن تكون والية لم يجز أن تكون مولية .
وإن رد إليها اختيار قاض جاز ، لأن الاختيار اجتهاد لا تمنع منه الأنوثة كالفتيا .