الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص154
قال الماوردي : وهذه المسألة يجب أن تستوفى فيها الشروط المعتبرة في ولاية القاضي ونفاذ حكمه .
والذي يعتبر في جواز ولايته ونفاذ حكمه سبعة شروط :
أحدها : أن يكون كاملا في نفسه .
وكمال نفسه ضربان :
أحدهما : كمال حكمه .
والثاني : كمال خلقه .
فأما كمال الحكم : فهو بالبلوغ والعقل لأن باجتماعهما يتعلق التكليف ويثبت للقول حكم .
فلا يجوز أن يكون القاضي غير بالغ ولا مختل العقل لأنه ليس لواحد منهما تمييز صحيح ولا لقوله حكم نافذ .
فإن قلد القضاء صبي أو مختل العقل كانت ولايته باطلة ، وأحكامه مردودة ، لقول النبي ( ص ) ‘ رفع القلم عن ثلاثة ‘ ولأن كل واحد منهما مولى عليه فلم يجز أن يكون واليا ، ولا يلزمه حكم قوله ، فلم يكن لغيره لازما .
وليس يكتفي فيه بالعقل الذي يتعلق به التكليف من علمه بالمدركات الضرورية حتى يكون صحيح التمييز جيد الفطنة بعيدا من السهو والغفلة يتوصل بذكائه إلى حل ما أشكل وفصل ما أعضل .
فإن كان مع هذه الحال يطرأ عليه في بعض الأحيان جنون ، نظر فيه .
فإن امتد به حتى تأخر عن أوقات النظر لم يصح تقليده .
وإن قصر زمانه وكان كالساعة ، نظر .
فإن أثرت في زمان إفاقته لفتور حسه ودهش عقله لم يصح تقليده .
وإن أفاق من ساعته ، وعاد إلى استقامته ففي جواز تقليده وجهان :
أحدهما : لا يجوز لأنه يخرج في زمان ذلك عن حكم التكليف وتبطل به فروض العبادات .