الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص153
أحدها : اقتداء بالصحابة فإن الأئمة منهم كانوا لا ينفذون الأحكام المشتبهة إلا بعد المشاورة ومسألة الناس فيما عرفوه من أحكام الرسول كما سأل أبو بكر عن ميراث الجدة ، حتى أخبر أن النبي ( ص ) أعطاها السدس وسأل عن المجوس فأخبر عنه أنه قال ‘ سنوا بهم سنة أهل الكتاب ‘ وكما قال عمر : رحم الله امرأ سمع من رسول الله ( ص ) في دية الجنين شيئا إلا قاله فأخبره حمل بن مالك أنه قضى فيه بغرة عبد أو أمة .
والثاني : أنه قد يجوز أن يخفي على الحاكم من أحكام الحوادث والنوازل ما يكون علمه عند غيره فلم يجز أن يمضي حكمه على التباس واحتمال .
والثالث : أنه مجتهد وعلى المجتهد التقصي في اجتهاده ، ومن التقصي أن يكشف بالسؤال ويناظر في طلب الصواب .
وفي الفرق بين النظر والجدل وجهان :
أحدهما : أن النظر طلب الصواب ، والجدل نصرة القول .
والثاني : أن النظر هو الفكر بالقلب والعقل ، والجدل هو الاحتجاج باللسان .
وفي الفرق بين الدليل والحجة وجهان :
أحدهما : أن الدليل ما دلك على مطلوبك ، والحجة ما منعت من ذلك . والثاني : أن الدليل ما دلك على صوابك ، والحجة ما دفعت عنك قول مخالفك .
وفي الفرق بين النص والظاهر وجهان :
أحدهما : أن النص ما كان لفظه دليله ، والظاهر ما سبق مراده إلى فهم سامعه .
والثاني : أن النص ما لم يتوجه إليه احتمال ، والظاهر ما توجه إليه احتمال .
وفي الفرق بين الفحوى ولحن القول وجهان :
أحدهما : أن الفحوى ما نبه عليه اللفظ ، ولحن القول ما لاح في أثناء اللفظ .
والثاني : أن الفحوى ما دل على ما هو أقوى منه ، ولحن القول ما دل على مثله .
فإن تفرد الحاكم باجتهاده فقد أساء وقصر ، وكان حكمه نافذا إذا عمل بما أداه اجتهاده إليه ، ما لم يخالف فيه ما لا يجوز الاجتهاد معه : من نص أو إجماع أو قياس لا يحتمل .