الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص152
بالقياس في الشرع هو الأحكام المستنبطة من النصوص .
فأما الأسماء والحدود والمقادير فقد اختلف أصحابنا في جواز استخراجها بالقياس على وجهين :
أحدهما : يجوز أن تثبت الأسماء بالقياس إذا تعلق بها أحكام كتسمية النبيذ خمرا لوجود معنى الخمر فيه ويجوز أن تثبت الحدود قياسا فيثبت حد الخمر ثمانين ، قياسا على القذف كما قال علي بن أبي طالب لأنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي وإذا هذي افترى وحد المفتري ثمانون .
ويجوز أن تثبت المقادير قياسا : كما قدرنا أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر وأكثره وأقل السفر وأكثره .
وقد أشار ابن أبي هريرة إلى اختيار هذا الوجه لأن جميعها أحكام .
والوجه الثاني : يجوز إثبات الأسماء ولا إثبات الحدود ولا إثبات المقادير بالقياس .
أما الأسماء فلأنها مأخوذة من اللغة دون الشرع .
وأما الحدود فلأن معانيها غير معقولة .
وأما المقادير فلأنها مشروعة وإنما صير في هذه الأمور المقدرة إلى عرف أو وجود .
والله أعلم بصواب ما استأثر بعلمه فهذا شرح ما قدمناه من أصول الشرع الأربعة وبالله التوفيق .
قال الماوردي : وهذا إنما يختص بالحوادث المشكلة والنوازل الملتبسة دون ما استقرت أحكامه بالنصوص أو بالإجماع أو بالقياس الذي لا يحتمل غيره ، فيجمع له المختلفين من أهل الاجتهاد ليسأل كل واحد منهم عن حكم الحادثة ودليلها ويعارض الأدلة بعضها ببعض ويكشف عن عللها وأصولها .
ولا يفوض ذلك إليهم ، حتى يجتهد فيها كاجتهادهم ، ثم يجتهد في قول كل واحد منهم وينظر فيما استدل به ويناظرهم ويناظرونه طلبا للصواب لا نصرة لقوله .
فإذا وضح له الصواب بعد الكشف والنظر عمل عليه وحكم به .
وإنما لزمه أن يفعل هذا لثلاثة أمور :