الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص147
ومثله قوله تعالى : ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) [ الجمعة : 9 ] فكان معنى نهيه عن البيع أنه شاغل عن حضور الجمعة ، فكانت عقود المناكح والإجارات وسائر الأعمال والصنائع قياسا على البيع ، لأنه شاغل عن حضور الجمعة . فهذا الضرب لا يجوز به النسخ .
ويجوز تخصيص العموم به عند أكثر أصحابنا ، وإن منع منه بعضهم لخروجه عن الجلاء بالاستدلال وليس بصحيح ؛ لأنه قد صار بجلاء الاستدلال كالجلي بغير استدلال .
فهذه ثلاثة أضرب هي ضروب القياس الجلي ، يجوز أن ينعقد بها الإجماع وينقض بها حكم من خالفا من الحكام .
وأما القياس الخفي : فهو ما خفي معناه فلم يعرف إلا بالاستدلال ويكون معناه في الفرع مساويا لمعنى الأصل .
وهو على ثلاثة أضرب :
أحدها : ما كان معناه لائحا .
والثاني : ما كان معناه غامضا .
والثالث : ما كان معناه مشتبها .
فأما الضرب الأول : وهو ما كان معناه لائحا يعرف باستدلال متفق عليه فمثل قوله تعالى : ( حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم ) [ النساء : 23 ] فكانت عمات الآباء والأمهات في التحريم قياسا على العمات . وخالات الآباء والأمهات في التحريم قياسا على الخالات . لاشتراكهن في الرحم ، ومثله قوله تعالى في نفقة الولد في صغره : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) [ الطلاق : 6 ] فكانت نفقة الوالد عند عجزه في كبره قياسا على نفقة الولد لعجزه بصغره .
والمعنى في هذا الضرب لائح لتردده بين الجلي والخفي وهو من ضروب الخفي بمنزلة الأول من ضروب الجلي .
ويجوز أن ينعقد الإجماع بمثله وينقض به حكم الحاكم إذا خالفه .
وفي جواز تخصيص العموم به وجهان :
والضرب الثاني : وهو ما كان معناه غامضا للاستدلال المختلف فيه فتقابلت