الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج16-ص144
فالنص : ما ورد به السمع في تعليق حكم بالاسم ، والقياس : ما ثبت حكمه من معنى الاسم .
وفيما أخذ منه اسم النص وجهان :
أحدهما : أنه مأخوذ من الارتفاع لارتفاع المنصة بمن عليها ؛ لأنه قد رفع المسمى بذكره .
والوجه الثاني : أنه مأخوذ عن الظهور لظهور من على المنصة بها ، لأنه قد أظهر المسمى بذكره .
والقياس : قياسان قياس معنى وقياس شبه :
واختلف أصحابنا في الفرق بين قياس المعنى وقياس الشبه على وجهين :
أحدهما : أن قياس المعنى ما أخذ حكم فرعه من معنى أصله ، وقياس الشبه ما أخذ حكم فرعه من شبهه بأصله .
والوجه الثاني : أن قياس المعنى ما لم يكن لفرعه إلا أصل واحد أخذ حكمه من معناه ، وقياس الشبه ما تجاذبته أصول ألحق بأقواها شبها فصار قياس المعنى أقوى من قياس الشبه على الوجهين .
فأما قياس المعنى : فينقسم قسمين جلي وخفي .
فأما القياس الجلي : فيكون معناه في الفرع زائدا على معنى الأصل .
وأما القياس الخفي : فيكون معناه في الفرع مساويا لمعنى الأصل .
والقياس الجلي : على ثلاثة أضرب :
أحدها : ما عرف معناه من ظاهر النص بغير استدلال ، ولا يجوز أن يرد التعبد فيه بخلاف أصله ، وذلك مثل قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ) [ الإسراء : 22 ] فدل تحريم التأفيف ببديهة النص على تحريم الضرب والشتم ، فلا يجوز أن يحرم التأفيف ويحل الضرب والشتم ، فصار تحريم الضرب والشتم مأخوذا من تحريم التأفيف قياسا ومثله قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [ الزلزلة : 7 – 8 ] فلا يجوز أن يجازي على قليل الطاعة ولا يجازي على كثيرها ويعاقب على قليل المعصية ولا يعاقب على كثيرها .